الأحد، 3 مايو 2009

العولمة: الليبرالية الكونية والفكر الواحد

الكتاب: " العولمة: الاتصال/العالم، تطرف الليبرالية الكونية والفكر الواحد"
المؤلف: يحيى اليحياوي
249 ص، البوكيلي للطباعة والنشر، القنيطرة 1998

صدر عن دار البوكيلي للطباعة والنشر مؤخرا كتاب قيم، للباحث المغربي يحيى اليحياوي باللغة الفرنسية، تحت عنوان "العولمة: الاتصال/العالم، تطرف الليبرالية الكونية والفكر الواحد".
ونظرا لطبيعته الظرفية التي طغى عليها مصطلح العولمة ليصبح العملة الرائجة، وكذلك لما يتضمنه الكتاب من معطيات هامة وتحاليل معمقة، فقد ارتأينا تقديمه للقارئ، على أمل أن نستضيف الباحث اليحياوي في عدد قادم ليغني الحوار ويجيب عن العديد من الأسئلة المعلقة بخصوص العولمة.

ما معنى العولمة؟ ما هي المدلولات الخفية التي تختزنها دون أن تبوح بها؟ هل هناك استراتيجية مواجهة أو استعداد قبلي من لدن الدول السائرة في طريق النمو لمواجهة هذا المد الجارف؟
الحقيقة أن المرء سيصاب بالذهول والانهيار لهذا التراكم التساؤلي. فالكل يتحدث بصيغة اليقين عن العولمة. ما أن تقع أزمة أو مصيبة إلا وتلصق بجرة قلم طائشة للعولمة. ولحد الآن لم يتفق البعض على تحديد تعريف مدقق، في حين اكتفى البعض الآخر بتصنيفها في خانة آخر صيحات الليبرالية. فبعد الحداثة والخوصصة فسح المجال للعولمة.

والأدهى في الأمر أن بعض "كتاب المناسبات" الذين يعرفون من أين تؤكل الكثف فيصنعون كتبا مهيأة للاستهلاك السريع، تستغل حالة الدهشة المستبدة برؤوس العديد من المواطنين، وهي للأسف الشديد كتابات عوض أن تحل الإشكال فتفسر وتوضح المسألة، زادت في تعقيدها وألبستها زيا غريبا أغرقها في الغموض. والسبب ببساطة يعود إلى لعبة التطاول التي أبدع فيها البعض.

لكن في خضم هذه الفوضى الكتابية، انبثق مؤلف جديد للباحث المغربي يحيى اليحياوي، وهو للإشارة لم يكمل بعد ربيعه السادس والثلاثين، من مواليد إقليم سيدي قاسم، خريج كل من جامعة محمد الخامس، شعبة العلوم الاقتصادية 1986 قبل أن ينتقل سنة 1987 إلى المدرسة الوطنية العليا للبريد والاتصالات بباريس، وفي رصيده أربعة مؤلفات وهي:
+ "الاتصالات في محك التحولات: الدولة، الاحتكار، اللاتقنين والمنافسة" سنة 1995 وبه أحرز على جائزة المغرب للكتاب.
+ "الوطن العربي وتحديات تكنولوجيا الإعلام والاتصال"، بالعربية سنة 1997
+ "رياح الليبرالية ومنطق الخوصصة"، بالفرنسية سنة 1996.
وأخيرا الكتاب الذي نحن بصدد تقديمه. وهي كتب تسير في نسق واحد: الاتصالات، الرهانات التي تطرحها التكنولوجيا الجديدة، الخوصصة ودور الدولة وأخيرا وضعية العالم العربي أمام هذه التحديات.

وميزة اليحياوي أنه يجمع في أسلوب ونمط كتابته المبسط طبيعة المتخصص الذي لا يكتفي بما في جعبته من زاد تقني ومعلوماتي، بقدر ما يرفد من ينابيع علمية أخرى اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية، أي يتسلح بالنظرة الشمولية للظاهرة.

للوهلة الأولى ومن خلال صدمة العنوان "العولمة: الاتصال/العالم، تطرف الليبرالية الكونية والفكر الواحد" يمكن أن ترتسم جملة تصورات، أي أن العالم يسير بخطى حثيثة نحو التحقيق الفعلي لتكهنات الباحث الكندي مارشال ماكلوهان عن القرية الكونية، وعن الليبرالية في أقصى مظاهرها خصوصا بعد سقوط حائط برلين وما تبعه من انهيار للبناء الشيوعي، مشرعا الطريق أمام الأحادية القطبية في ظل منطق السوق، وليعيد الطريق بدوره نحو الفكر الأحادي.
أي أن التنوع الذي كانت تتغنى به البشرية كموروث حضاري سينقلب في سياق لعبة التنميط إلى مفاهيم متقاربة ومتشابهة حتى لا نقول مستنسخة.

يقع الكتاب في 249 صفحة قدم له الأستاذ ريكاردو بتريلا، الأستاذ بالجامعة الكاثوليكية بلوفان، رئيس مجموعة لشبونة ومسؤول برنامج " فاست" السابق باللجنة الأوروبية المكلف بتقييم سياسات العلم والتكنولوجيا.

والكتاب عبارة عن مساءلة لظاهرة ومصطلح العولمة المروج لهما باستمرار خلال السنين الأخيرة، في علاقتهما بثورة الاتصال وتزايد البعد الكوني لليبرالية الجديدة وأيضا في تزامنهما وشيوع إيديولوجية الفكر الواحد.

يقول الأستاذ بتريلا في تقديمه للكتاب "إنه لمن المهم أن نسجل أن يحيى اليحياوي لم يحصر اهتمامه في تحليل نتائج العولمة الحالية ليؤكد كباحث من إحدى الدول السائرة في طريق النمو، على الآثار السلبية والنتائج الوخيمة على اقتصاد الدول الضعيفة والأقل تقدما على وجه الأرض. وهو أمر يمكن أن نفهمه، لكنه يبقى محط تشكيك من وجهة النظر العلمية والتحليلية.
إن الانتقادات الموجهة من المؤلف للعولمة الحالية مستقاة من الخطاب الذي يقترحه متبنو قوى العالم المتقدم أنفسهم...".

لقد حان الوقت يقول بتريلا "لاعتماد أبحاث عن العولمة الأخرى من قبيل كتاب 'العولمة: الاتصال/العالم، تطرف اللليبيرالية الكونية والفكر الواحد'. فالمستقبل يراهن على التضامن بين الأفراد والمدن والمجتمعات والثقافات لا على المخربين المتنافسين الذين لا فضل لهم يذكر إلا ما تعلق باستغلال خيرات الكون لإزاحة الآخرين وليبقوا المنتصرين الأقوياء الوحيدين".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق