الاثنين، 4 مايو 2009

ثانياً : أذرعة العولمة :
للعولمة ثلاثة أذرع تلتف حول الكرة الأرضية لتصل إلى مرادها من جميع القنوات ومن مختلف السياقات ويمكن بيانها بالآتي :-
الذراع الأولى : عولمة الاقتصاد.
الذراع الثانية : عولمة الإعـلام.
الذراع الثالثة : عولمة الثقافـة .
فمن خلال عولمة الاقتصاد دعي إلى منظمة التجارة العالمية ، وإلى فتح المجال أمام جميع البلاد لتسويق منتجاتها في جميع الأسواق فيما بدا وكأنه يخدم الصالح العام لسكان العالم ولكن الأيام أثبتت خلاف هذا إذ سيطر القوي الغني ببضاعته لقدراته المالية والتسويقية والصناعية ، ولم يتح جواً متكافئاً للتنافس ولم يترك للفقير ساحة ينفرد فيها لتسويق بضاعته فكانت النتيجة ارتفاع معدلات البطالة ، وانتشار الفقر والأوبئة في العالم المتخلف بينما امتص العالم الغني خيراته وسخره لرفاهيته ، فقد أطلقت منظمة العمل الدولية صيحة تحذير مؤكدة أن البطالة الكاملة والمقنعة ستلحق 820 مليون يمثلون 30% من سكان العالم. ووصفت ذلك بأنه أخطر محنة اجتماعية تجتاح عالم العمل وتجاوز عدد الفقراء في أوروبا وحدها 33 مليون . - ولأن من أوراق هذا الملتقى ما هو مخصص للحديث عن السلبيات الاقتصادية للعولمة فسأكتفي بهذا القدر _
أما ذراع الإعلام ، فقد جندت الشركات الكبرى ، وأصحاب رؤوس الأموال العملاقة وسائل الإعلام لبث فكر العولمة سواء بالسياقات الفكرية والحوارات المضللة التي تظهر للعولمة وجهاً واحداً فقط هو الخير والسلام والسعادة ، أو من خلال العمل على نشر ثقافة المؤثرين في كوكب الأرض وما يريدونه من عولمتهم فسعت إلى نشر ثقافة الجنس والدعوة إلى الإباحية والتخلص من الانتماءات الفكرية أو الدينية أو الأسرية التي تحد من حرية الفرد على الانغماس في هذا التيار ، وسعت بقوة إلى هدم نظام الأسرة وتصويره على أنه نظام من إنشاء ثقافات قديمة كانت فيها المرأة ضعيفة والرجل متسلط أما وقد نادت العولمة بتذويب الفوارق فلا مجال لهذا النمط الذي يحد من حرية المرأة ومن حرية الجيل ودعت إلى استبداله بأنماط أخرى أكثر حرية أسرة نسوية فقط !! مجموعة رجال فقط !! شباب وشابات دون سلطة آباء !!
ومن المهم التنبيه على أن هذا الذراع التف بقوة ليخنق كل الأصوات التي تنادي بغير ثقافة العولمة بالمفهوم الغربي الأمريكي مستفيداً من كل تقنيات العصر مسخراً لذلك إمكانات ورؤوس أموال الشركات العملاقة والمستفيدين من شيوع هذه الثقافة ليكون هذا الكوكب مكان رفاهيتهم ليكون الجميع لخدمة أغراضهم وشهواتهم بينما هم يوهمون الشعوب بأنهم يريدون لهم مزيداً من الحرية والتمتع بالحرية الإنسانية بلا قيود ؟!
وأما ذراع الثقافة فقد امتد ليشمل كل القنوات التي يمكن من خلالها اجتثاث أي ثقافة تخالف ثقافة العولمة الإباحية لذا فقد اخترق هذا الذراع كل الثقافات التي تتضمن قيوداً على أنماط الفكر المنحرف ، وتحارب الرذائل ، وتضع القيم والمعايير والأخلاقيات التي يلتزم بها الناس بحسب انتماءاتهم الأسرية أو الوطنية أو الدينية . وبما أن الورقة مقدمة لملتقى المرأة فسنأخذ مثالا مفصلا عن تدخل العولمة في مجال المرأة والأسرة ودعواتها لتطبيق معنى العولمة وفلسفتها في هذا الجانب:
1. دعمت العولمة بقوة دعاوى تحرير المرأة لتجعلها في متناول يد كل الرجال وهي في أبهى حلة متحررة من أي انتماء يحد من ذلك أو يمنعه لا تقاليد أسرة ، ولا أعراف وطن ، ولا تعاليم دين .
2. عملت العولمة بقوة لإقحام المرأة في سوق العمل فعرضت جسدها للتجارة ، وقدمت رحمها للتأجير وجعلته مصدراً للكسب المادي ، بعد أن حاربت انتماءها للأسرة فنـزعت عنها الولاية، وبغضت إليها القوامة ، وأذكت في قلبها نار العداوة لكل انتماء ينظم حريتها أو يؤثر في اختيارها فأصبحت مستعبدة لهواها منقادة لما يزينون لها من الباطل تحت دعاوى الحرية ، فانطلقت لتمارس الزنا بكل أنواعه بزعم أنه حق لجسدها ، ووفروا لها وسائل منع الحمل، وكفلوا لها الإجهاض الآمن ، ودفعوها لتحقير المفهوم الطبيعي للأسرة ورسخوا القيم المنحطة ، بل زينوا لها أنماط أخرى تخالف فطرتها السوية بما هيئوا من بيئة للشذوذ بكل أنواعه وقاموا بحماية كل ممارساته بقوانين دولية تحت شعارات الحرية وأنظمة العولمة .
ولنشر هذه المفاهيم وتفعيل تنفيذها في كافة المجتمعات عقدت سلسلة من المؤتمرات ، حشد لواحدٍ منها 70 ألف امرأة تتلخص مطالبهم في إشاعة الزنا، والتحلل الخلقي، والتخلي عن مسؤولية الزوج والولد. وبذلك تم لهم ما أرادوا فقد استشرى أدب الجنس والأدب الرخيص والقصص الإباحية ، واعتبر ظاهرة طبيعية في المجتمع. وانتشرت أندية العراة فظهر النساء والرجال على الشواطئ عراة باسم الحرية والتقدمية . وانتشر التمرد على المبادئ والقيم بحجة أنها تقاليد بالية، وموروثات قديمة ليتم الانطلاق بحرية تامة دون اعتبارٍ لخلقٍ أو دينٍ أو آدابٍ.
فماذا كانت النتيجة وهل وصلت المرأة إلى سعادتها في ظل حرية العولمة:-
لقد وصل صناع العولمة إلى مبتغاهم وأصبحت المرأة في متناول أيديهم وقت ما أرادوا ، وأمام أعينهم على الشاشات بكامل زينتها وفي أخص أحوالها في كل وقت ، ولكن ماذا عنها ؟ ماذا عن المرأة بعد أن أصبحت “القاصية” !؟
لقد أكلها الذئب ، وحطّم سعادتها فالإحصائيات تفصح عن ما وصلت إليه المرأة في ظل هذه الدعاوى التي تبنتها العولمة بقوة وانبرت لتفعيلها وجعلها عالمية بعد أن كانت ثقافة فئة منبوذة متنكرة لانتماءاتها الفطرية والطبيعية ، وهذه بعض نتائج ما سجلته الإحصائيات :
زيادة في أعداد الانتحار، وفي الإصابة بأمراض فتاكة أهمها الإيدز وفي زيادة معدلات الجريمة، والعنف والإدمان، وتجارة الجسد.
كما أصبحت المرأة تعمل في الدعارة لمدة تصل أحياناً إلى 12-16 ساعة يومياً ، تقول المكسيكية أنيزا فيزا كروز البالغة من العمر 20 سنة حسب ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية bbc online في موقعها على الإنترنت : ”إن رغبتي في تحسين حياتي المعيشية جعلتني أعمل في الدعارة فتحولت إلى عاهرة ، نحن نعمل لمدة 12 ساعة يومياً لمدة 6 أيام في الأسبوع ، وكان على المرأة الواحدة منا أن تمارس الجنس مع 35 شخص يومياً والموقف أسوأ من ذلك أيام العطلات والمناسبات لا أعلم كيف سيكون حالي عندما أتقدم في العمر”.
هذا هو الحال الذي يريدونه للمرأة والذي تصل إليه بسهولة إذا تفككت أسرتها ولم تجد ولياً يعولها ، وقواماً يسهر لتوفير الحياة الكريمة لها ، ولهذا فالجهود مكثفة ليكون هذا هو الحال الطبيعي للمرأة ، بل يجعلونها تسعى إلى الوصول إليه بنفسها بعد إيغار صدرها على أسرتها وزوجها ووليها والزعم أنهم مصدر تضييق وتمييز ضدها ، وحدّ من حريتها ، وأنهم يحرمونها من فرص الاستمتاع بالحياة ؟!
كيف تعمل هذه الأذرعة على تذويب هوية الشعوب في العولمة؟
يتم ذلك بآليات كثيرة وبالاستفادة من جميع التقنيات الحديثة ويتركز العمل على أمور أساسية مثل :
- تغييب دور الأسرة ، والعمل على تفكيكها .
- تهميش دور الأم التربوي في صناعة الجيل وإعلاء دورها كعاملة خارج المنـزل.
- إضعاف دور المؤسسات التربوية في التنشئة حسب أخلاق وثقافة المجتمع وحصر دورها في نقل معلومات أو إعطاء معارف عامة .
- إضعاف التكوين الديني لدى الشباب والنشء ببث الشبه وإثارة الشهوات .
- الوصول بالأفراد إلى حالة سهولة التأثر بالثقافة الوافدة من خلال نشر مفاهيم الفردانية والأنسنة والحرية الشخصية .
- إيصال الفرد إلى الشعور بالاغتراب الثقافي عن أسرته ووطنه وتراثه الديني.
نظرة سريعة في المؤتمرات الدولية للمراة :
في ظل هيمنة الغرب على المؤسسات الدولية ركز دعاة العولمة أو قادة ما يسمى بالنظام العالمي الجديد على قضايا المرأة وذلك من خلال عقد المؤتمرات الدولية التي تسعى فيها الدول الغربية إلى الهيمنة على عقل وفكر وثقافة المرأة المسلمة وإلى صياغة عقد اجتماعي جديد يحاكي النمط الغربي في قيمه واستهلاكه ، وكان من أخطر هذه المؤتمرات مؤتمر السكان والتنمية الذي عقد بالقاهرة عام 1994 ، ومؤتمر المرأة الذي عقد في بكين 1996م ففي وثيقة المؤتمر الدولي للسكان والتنمية رأينا تسويد القيم الإباحية الغربية التي بثت لنا مفاهيم جديدة للأسرة .
فقد أقرت الوثيقة البناء الأسري القائم على رابطة الزوجين أو بدونها !! وأباحت المعاشرات الجنسية للأفراد وليس الأزواج فقط ! وجعلت هذا حقاً جسدياً للجميع حتى المراهقين والمراهقات؟! فجعلت ممارسة الجنس حقا من حقوق الجسد ينبغي توفيره بأي شكل ولو كان خارج العلاقة الزوجية .
وتضمنت الوثيقة أيضا محاربة التمييز ضد الحوامل الشابات اللائي حملن سفاحاً في الوقت الذي حاربت فيه الوثيقة ظاهرة الزواج المبكر !
لقد عملت تلك الوثيقة على استعمال المصطلحات بطريقة تروج للقيم التي يتبنونها فالفتيات الصغيرات اللاتي يمارسن الزنا منذ الطفولة ويحملن سفاحاً يلقبن ((بالمراهقات الحوامل )) ويتمتعن بقدر كبير من الاحترام !؟
أما من تتزوج شرعياً وهي صغيرة فإن هذا الزواج يوصف بأنه انتهاك للطفلة الأنثى وتعتبر هذه الزيجة ضحية للضغوط والمؤامرات الأسرية ! فمعيار الضرر أو النفع ، والحسن والقبيح في نظر الوثيقة هو اعتبار أن كل ما تفرضه العائلة أو الدين أو التقاليد أو تؤثر في وجوده أمراً مستهجناً وقيوداً يجب التخلص منها .
وللأسف فقد خُدع بمثل هذه الوثائق وما تتضمنه من حقوق مدعاة منظمات نسوية في العالم الإسلامي بحسب درجة محافظة كل دولة فأنتجت من واء ذلك برامج تحسسية ، وأخرى تعبوية ، وثالثة تغييرية تمس القوانين والتشريعات من خلال ربط اعتباطي بين المشاكل الواقعية الناتجة عن التخلف الاجتماعي وتغلغل ثقافة وفكر الانحطاط في الممارسة السلوكية لدى المسلمين وبين الإطار القانوني فتستغل الأول وتركبه لتعبئة النساء القادرات على التحليل لإزالة الثاني ومن ثم دعم المقررات الدولية فيما يتعلق بالمرأة والأسرة وليس لحاجيات النساء الحقيقية ، ومن ذلك إنشاء ودعم ما يسمى بمنظمات الصحة الإنجابية التي تدعي نشر ثقافة الصحة الإنجابيه ظاهراً وفي العمق هي تسعى إلى نشر ثقافة الجنس والانحلال والدعوة إلى الإباحية الجنسية ، ثم يُعمل على الوصول إلى مستوى التغيير والمطالبة به بالتمويه على النساء لجمع التوقيعات وإثارة الضجيج والحماس الذي يستثمر أي أزمة اجتماعية أو تصرف غير سوي ثم إصدار البيانات والمطالبة بحقوق وهمية لم تبن على وقائع صحيحة واستقراءات علمية فتسعى في بعدها الأساسي إلى ضرب كل القوانين المتبقية من الشريعة الإسلامية ومن أمثلة ذلك ما جاء في أحد المشاريع في إحدى الدول الإسلامية - وللأسف - مما يعد تنفيذ عملي لمقررات المؤتمر الدولي للسكان في القاهرة ومؤتمر بكين ، فهو يتضمن السعي لرفع كل التحفظات التي تحفظت عليها الدول الإسلامية في تلك المؤتمرات ، فمن خطة هذا المشروع :
1. رفع سن الزواج إلى ثمانية عشر سنة في المطلب القانوني في مقابل التوعية الجنسية وتوزيع العازل الطبي في المؤسسات التعليمية وغيرها حتى يتمتع المراهق بصحة ايجابية في المطلب التنموي الخاص بالصحة الإنجابية .
2. رفع الولاية في الزواج ، والقوامة بعده في إطار الدعوة إلى تقبّل لبرالية الحياة المشتركة والتحرر من جميع القيم الاجتماعية ذات البعد الإسلامي .
3. منع تعدد الزوجات في مقابل عدم تجريم الزنا ، فاتخاذ الخليلات والزنا بهن يعتبر حرية شخصية بينما الزواج بأكثر من واحدة جريمة في عرف النظام الدولي.
إن مثل هذه المشاريع والخطط لا يمكن أن تكون بحال نابعة من ثقافتنا وهويتنا الإسلامية لكنها نتاج مسلمات انخرطن في فكر العولمة وجندن أنفسهم لتحقيق أهدافها إما بحسن أو بسوء نية.
والحقيقة أن مثل هذه المخططات يمكن القول عنها أنها ضحية للتغريب والعولمة في مقابل غياب الفكر الصحيح الذي يبرز معاني العدالة الاجتماعية ويكفل الحريات الشخصية في سياق اجتماعي متكامل تعيش فيه المرأة مع الرجل علاقة تكامل ووفاق في ظل المحافظة على الانتماء الأسرى والديني الذي يجعلها في حصانة من الوقوع في فخ العولمة ووعودها الزائفة .
ويقودنا الحديث عن المرأة إلى الحديث عن الأسرة التي تحاربها العولمة بقوة كأول محضن يكون له أثر في التربية ، ويكون له عند أفراده ولاء ، فلماذا تحارب العولمة الأسرة ؟؟
لقد أثبتت الدراسات الحديثة للطفولة في العالم ،أن الأسرة هي المحضن المثالي للنشء ولا بديل له. لذلك فهي الدعامة الأولى في انتماء الفرد وإمداده بالثقافة والقيم والأخلاق وغيرها مما يؤثر في سلوكه وقبوله ورفضه لما يكون حوله .
ومن هنا عملت جميع المخططات المضللة وآخرها العولمة على تفكيك الأسرة أو تفريغها من عقيدتها، وسلخها من هويتها، وتغيير عاداتها ، ليصبح أفرادها نسخة مكررة للفرد التي يريدون ، مستعبد لهواه ، أناني في تصرفاته ، يجري لاهثاً وراء الاتفاقيات الدولية دون وعي أو إدراك لما يحاك ويدبر .
لاسيما وقد أخرجوا نظرياتهم بطريقة توهم أنها نتاج دراسات علمية ومن ذلك ما يتشدقون به كثيراً من أن الأسرة نظام من وضع المجتمع وليس من طبائع البشر فهو رهن العقل الجمعي إن شاء أبقاها وإن شاء أزالها ، وأنها كانت صالحة لعقلية معينة في زمان ما ، أما اليوم ففي عصر الحرية الفردية ، وعصر العولمة والفردانية فيمكن إزالة نظام الأسرة ( زوج وزوجة وأبناء ) واستبداله بأنظمة أخرى نحو : رجل مع رجل، إمرأة مع إمرأة !؟ مجموعة شبان من جنس واحد ، مجموعة فتيان وفتيات ؟!
ولو نظرنا لدعوى المساوة بين الرجل والمرأة من منظورنا الإسلامي الذي فضلنا به رب البرية ، بعيداً عن دعاياتهم لفكرهم الضال لوجدنا أن من حكمة الإسلام وأصالته أن راعى تكوين المرأة الفطري، وتكوين الرجل ، فحفظ للمرأة تميزها كأنثى دون أن ينقص من مساواتها للرجل كإنسان ، فالفروقات بين الرجل والمرأة لا علاقة لها بالمساواة بينهما في الإنسانية والكرامة والأهلية، ولكن منتهى العدل بينهما يقتضي توزيع الحقوق والواجبات بحسب خصائص كل منهما ، فالمساواة ليست عدلاً ، إذ التفاوت واقع في خصائصهم وطبائعهم وليس من العدل إلزامهم بذات المسؤليات التي تتفاوت قدراتهم في الإتيان بها ، وإنما العدل توزيع الأدوار والمسؤوليات والواجبات عليهم بحسب قدراتهم ونحن نرى أصحاب التخصصات المختلفة في حياتنا، لا يعيب الطبيب تخصص الصيدلي، ولا التربوي يعيب على المهندس تخصصه فكلٌ في مجاله يعمل، والله يجازي الجميع على أعمالهم بحسب ما هو واجب عليهم .
ولما كانت دعاوى المساواة بين الجنسين ودعاوى عدم صلاحية نظام الأسرة القديم لا تتوافق مع العقل، ولا العدل ؛ فقد رفضها العقلاء في شعوب العالم على اختلاف انتماءاتهم الفكرية وسنستعرض بعض هذه صور مواجهة نتاج هذه الدعاوى :
أعلن خبراء السكان بإيطاليا أن معدل المواليد أنخفض إلى تحت الصفر ، بعد الدعوات المتكررة لتحديد النسل، واعتبرت هذه كارثة يجب مواجهتها بجدية.
وفي السويد أعلن عن إصدار قانون يستهدف توفير معونة شهرية قدرها 2000 كوروناً للأم السويدية التي ترعى أطفالاً دون الثالثة. في إطار حملتها المكثفة لمواجهة خروج النساء لسوق العمل وترك الاهتمام بالأسرة ، في محاولة لتوفير قدر أكبر من الرعاية الأسرية لأطفال السويد دون سن الثالثة.
وقف عدد من التربويين بقوة في ولاية فرجينيا وبنسلفانيا وفلوريدا وميرلاند بأمريكا خلف إلغاء تطبيق نظام التعليم المختلط في مرحلة التعليم العام، لأن معدل الجريمة في أمريكا قد بلغ 4 جرائم في كل ثانية.
نشرت في بريطانيا مؤخراً دراسة إحصائية تبين أن ثلثي الأمهات يفضلن البقاء في المنزل لرعاية أطفالهن لولا الحاجة إلى العمل لذا خصصت الحكومة البريطانية مبلغ 40 جنيهاً كإعانة شهرية للأم التي تتفرغ لتربية أطفالها.
ذكرت وكالة الأنباء الفرنسية إن الإدارة الأمريكية والمؤسسات الدينية قد بدأت حملات توعية عن مخاطر العلاقات الجنسية المبكرة للحد من حالات الحمل المبكر.
وحذر رئيس قسم علم النفس في جامعة ليدز من الآثار السلبية لألعاب الكومبيوتر الجديدة التي تتسم بالعنف والإباحية ، وأشار إلى الدراسات التي تؤكد ميل الكبار والصغار إلى التقليد بعد مشاهدة نوعية معينة من العنف.
كما ناشدت منظمة “اليونيسيف” دول آسيا في الحد من استغلال الأطفال للفساد الأخلاقي حيث بلغ عددهم حتى الآن مليون طفل.
وطالب وزير العدل الاسترالي بأهمية وضع حد لبيع أطفال استراليا إلى الأسر الإيطالية لاستخدام أعضاءهم لأطفال آخرين (تعتبر استراليا من أكبر دول بيع الأطفال في العالم).
وفي فيتنام شكلت الحكومة الفيتنامية لجنة خاصة لمكافحة الدعارة. وأكد الاتحاد النسائي في فيتنام على ضرورة مكافحة بيع الهوى للحد من خطر انتشار الإيدز في بلادهم.
دعت صحيفة “الديلي ميرر”إلى إعلان حالة الطوارئ من أجل إنقاذ العلاقات الزوجية في أوروبا وأمريكا، حيث أن كل زوجة من بين خمس زوجات تقـوم بممارسة الخيانة الزوجية مرة واحدة على الأقل في حياتها.
ناشد خبراء الشؤون الاجتماعية في أوروبا وأمريكا إلى أهمية اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لحماية الإناث من الاغتصاب والتحرشات الجنسية التي تؤذيهن نفسياً أو جسدياً قبل الزج بهن في المواقع المختلطة لأنه أصبح مؤكداً أن الاعتداء يمارس من قبل الرجال على واحدة من بين كل عشرين عاملة، وأن 81% من طلاب المدارس يتعرضون للأذى الجنسي.
هذه بعض نتائج تفشي ثقافة العولمة ، التي جعلت كثيرين يرفعون أصواتهم بالدعوة إلى نقيضها من خلال دعم الانتماءات الفطرية التي تسهم في حماية الفرد وتكوين سياج يحميه فنشطت الجمعيات المطالبة بدعم النظام الأسري ، وازدهرت مشاريع تنمية الوطنية لدى الأجيال ، ونشط المهتمين بالدين من مختلف الأديان لتنمية الانتماء الديني لدى الأجيال في محاولات لصد طوفان العولمة وأثارها السلبية على الأجيال ، ولو حمل أهل الإسلام إسلامهم بتعاليمه الغراء وعدالته وكفالته للحريات إلى العالم الذي يتوق إلى نظام عالمي موحد لنعم الجميع في ظل نظام الإسلام العالمي الذي يعيش تحت رايته كل الأديان وجميع الأعراق في إطار يضمن العدالة ويرتفع بالبشرية لآفاق السمو والربانية .
فالفاصل كبير بين العولمة وسلبياتها وعالمية الإسلام السامقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق