الثلاثاء، 12 مايو 2009

موقف الإسلام من العولمة :الإسلام منهج عالمي جاء لهداية البشرية في كافة مجالات الحياة وهو رسالة شاملة وعملية تراعي الظروف الإنسانية والظروف الموجودة بين الشعوب دون إلغاء للعالم من عاداتها وأفكارها بل تطويره والارتقاء إلى المستوى السامي الذي جاء الإسلام ليرفع البشرية إليه ، ولو كانت العولمة حسب دعواها الظاهرية وأنها تسعى إلى تقارب الشعوب على أساس التعاون والسلام و إقامة العدل والدفاع عن حقوق الإنسان وحرية العبادة والتعبير وغيرها من المقاصد الحسنة التي جاء بها الإسلام وتدعو إليه الفطرة السليمة لما كان هناك اختلاف من العولمة والإسلام .حيث ان الإسلام هو الرسالة السماوية الخاتمة الى الناس جميعا ، ان الإسلام يدعوا العالم إلى ان يكون أسرة واحدة تتبادل المنافع فيما بينها (يا أيها الناس ان خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفو ا ان أكرمكم عند الله اتقاكم )ولو كانت العولمة كذلك فإنها لا تتعارض مع الإسلاموالإسلام لكونه الرسالة الخاتمة ولكونه موجة للناس جميعا يدعوا الى العالمية من خلال الإيمان باالاه واحد واعتبار البشرية أسرة واحدة خلقها الله لغرض العبادة .اما العولمة بعضها معنى القولبة ووضع الناس في نموج واحد واختصارهم على منهج واحد .اما الإسلام فراعى الفروق الفردية الموجودة بين البشر وعاملهم على هذا الأساس.والخوف من العولمة ليس مقصور على المسلمين وانما يشمل كثيرا من الدول بما فيها بعض الدول الغربية المشاركة في صناعة العولمة .ويتاكد خوف المسلمين من العولمة إذا تذكرنا أن الإسلام اصبح هدفا للهجمات الغربية وحقلا خصبا لتشويه وسائل الإعلام العالمية التي ربطت بالمسلمين والإسلام كل نقيصة مثل العنف والإرهاب والأصولية بمناسبة وغير مناسبة وذلك فان الموقف الاسلامي من العولمة ينبغي ان يتم بالحذر والتعامل مع معطياتها بوعي وبصيرة .وعلى ذلك ( فإننا لو أخذنا العولمة بأحسن معانيها سنكتشف أنها تتعارض مع مفاهيم إسلامية عديدة ) (21)(فالعولمة بمظاهرها المتعددة تشكل تحديا للعالم الإسلامي في الوقت الحاضر وتنطوي على كثير من المخاطر التي تحتم التعامل معها بحذر والاستعداد لما قد ينتج عنها من آثار ) (22)ونظرا لاعتبارات عديدة يجب الانتقاء واخذ الإيجابيات وترك السلبيات حيث ان المسلم مطالب بالبحث عن المفيد النافع وسياسة الانتقاء هذه يمكن ان تنتج على المستوى الفردي وكذلك مستوى الامة .فعلى مستوى الأمة (فخير حماية لها هو السعي الحثيث الجاد لكي تتعامل الدول الإسلامية في احتياجاتها البشرية والمادية بحيث لا تحتاج إلى غيرها الا في المجالات الضرورية جدا ولابد للعالم الإسلامي من موقف تكاملي ومنهج واع في اختيار الحسنات ورفض السيئات وتقديم البديل الإسلامي الكامل الجدير بإنقاذ البشرية و أخذها للعالمية الربانية وإنقاذها من العولمة المادية من خلال نموذج يلفت الأنظار وجدير بالتطبيق والتنفيذ لتحقيق مصلحة الإنسان وربطه بخالق الكون )(23)مقـــاربة تاريخيـــــــة:إذا ما تجاوزنا الإختلاف في تعريف العولمة وصح أن نتصورها على إنها تقليل أو إختصار و - بقدر ما تيسر - إلغاء أو رفع للحدود والقيود الطبيعية ( المسافات المكانية والزمانية ) والبشرية ( القوانين والمفاهيم والبنيات المقيدة ) وصولاً إلى قدر أعلى من سرعة وحرية الإنتقال والحركة والتفاعل على مستوى العالم ، صح أيضاً القول بأن البشرية ظلت تعمل منذ فجر التاريخ في إتجاه يقود -ربما حتماً - إلى العولمة. فرحلة البشرية نحو تقييد المسافات المكانية والزمانيه يمكن التاريخ لبدايتها ببداية إهتداء الإنسان إلى أو اختراعه وسائل النقل والإنتقال بدءاً بالدواب والمراكب البحرية ومروراً بالحمام الزاجل والسيارات والطائرات والإرسال أو الإتصال الإليكتروني وإنتهاء بالمراكب الفضائية والإنترنت . وبالمثل فإن رحلة البشرية نحو إلغاء القيود البشرية (الإجتماعية) في مختلف المجالات بدأت منذ وقت مبكر من تاريخ البشرية . وعلى سبيل المثال فإن توسيع الوحدة الإجتماعية / السياسية من الأسرة إلى القبيلة ومن القبيلة إلى الدولة - المدينة فالدولة والممالك والإمبراطوريات فإنشاء المنظمات الإقليمية والدولية والتي تتمتع ببعض السلطة على الأعضاء ينطوي على خطوات متصاعدة نحو العولمة السياسية من خلال إلغاء أو تخفيف حدود الدائرة أو البنية الصغرى و- كلما أمكن - دمجها في الدائرة أو البنية الأوسع . ويمكن رصد التطورات المماثلة نحو العولمة في مختلف المجالات بما فيها المجال الديني والذي يلاحظ فيه أن الديانات ، سواء الأرضية أو السماوية ، كانت تنحصر في دوائر صغيرة كالدائرة الشخصية والقبلية والقومية ثم تطورت إلى ديانات عالمية تبشر بحكومات عالمية وقد حققت بعضُها إنتشاراً عالمياً .ويفيد التاريخ أنه بينما كانت رحلة العولمة تمر برفق ودون مقاومة تذكر في مسارها الطبيعي فإنها كثيراً ما توسلت بالقوة والعنف وواجهت الكثير من الرفض والمقاومة في مسارها البشري (الإجتماعي ).وتؤكد المقاربة التاريخية للعولمة ثلاثة حقائق أساسية هي :- إن العولمة ليست من صنع الغرب أو الحضارة الغربية بل هي نتاج مساهمات مُختلف الحضارات البشرية عبر التاريخ . وإذا كان من المؤكد أن تسارع عجلة العولمة مؤخراً قد تزامن مع عصر الحضارة الغربية فإن ذلك لم يكن نتيجة لمساهمات الدول الغربية فقط وإنما شاركتها في ذلك دول أخرى ليس فقط المتقدمة منها ، كاليابان في أقصى الشرق، وإنما بعض الدول النامية أيضا سواء بمواردها أو بعلمائها- تبدو العولمة في حدها الإطاري أو البنيوي سٌنة كونية لازمت التاريخ البشري منذ بدايته والأرجح أنها سُنة ماضية ليس من المتوقع أن تكف عن الإستمرار لرفض رافض أو مقاومة مقاوم .-إختلفت المضامين التي سادت في مختلف مراحل العولمة بإختلاف تصورات ومرجعيات القوى أو الحضارات الدافعة الرئيسية في المراحل المعينة.مقــاربـة إســلاميـة :يتحدد موقف الإسلام من مختلف وقائع وظواهر هذا الوجود تفسيراً (بيان ماهيتها) أو تقييماً ( بيان الموقف العملي تجاهها ) في إطار أصول دينية أهمها :- جاء الإسلام لإصلاح البشر وتحقيق مصالحهم ومن ثم فإن المعيار الأساسي لتحديد الموقف القيمي / العملي من أي أمر هومصلحة الإنسان ، ويعبر فقهاء الإسلام عن هذه الحقيقة بقولهم حيثما كانت المصلحة كان حكم الشرع . ومع أن مصلحة المسلم تراعي بوصفه إنساناً إلا أنه ليس بالضرورة أن تكون المصلحة المرعية من قبل الإسلام هي تلك المصلحة التي يتمناها المسلمون .- إن الإطلاق لله وحده ولا يكاد يُسلم لأي شئ سواه في هذا الوجود الإطلاق خيراً أو شراً و عليه فإن الموقف التقيمي لأي أمر من منظور الإسلام يستدعي الموازنة والترجيح بين الإيجابيات والسلبيات وغالباً ما يرتبط الحكم النهائي بشروط أو أحكام ثانوية تهدف إلى تعظيم الإيجابيات والتحوط ضد السلبيات أو- بتعبير الفقهاء - جلب المصالح ودفع المفاسد .- العقل البشري المستهدي بالأصول الدينية وأصول الفقه ( القانون ) الإسلامي هو المُناط به تحديد حكم كل ما لم يرد فيه حكم صريح .وإذا ما نظرنا للعولمة والتي لم يرد فيها حكم صريح وتباينت إزاءها مواقف الكُتَّاب من المسلمين وغيرهم ، في ضوء الأصول أعلاه والمقاربة التاريخية السابقة تتضح مسلمتان أساسيتان :- ترافق العولمة إيجابيات عبارة عن فوائد أو فرص للإستفادة (فوائد محتملة ) كما ترافقها سلبيات عبارة عن أضرار أو أضرار محتملة . بيد أن من الخطاء إطلاق القول بأن العولمة هي السبب الوحيد لكل مايرافقها من إيجابيات وسلبيات .- لاتقتصر الإيجابيات ولا السلبيات على طرف معين وإن كانت تتفاوت الحظوظ منها. وتعد طريقة تفاعل الطرف مع العولمة إحدى العوامل الأساسية في تحديد مايليه من إيجابياتها وسلبياتها المحتملة .وفي وضع كهذا فإن موقف الإسلام لا يكون الحكم بالحل أو الحُرمة ولا الحكم بالرفض أو القبول المطلقين وإنما يتمثل في دعوة البشر إلى التعاون لمعالجة سلبيات العولمة وتعظيم إيجابياتها. ومن الواضح أن مثل هذا التعاون يتطلب قيام حوار جاد وندي بين سائر الحضارات والأطراف الدولية المعنية ، وهو مالن يتسنى بدون أن يتسامى أصحاب الحضارات على خبراتهم التاريخية السلبية ويتحرروا ، وخاصة أصحاب الحضارتين الغربية والإسلامية،من المبالغة في الخوف أو التوجس من الآخر .ولو قدر لحركة العولمة أن تتحاور تحاوراً إيجابياً مع الإسلام - وكذا مع الحضارات الآخرى - فإن من المؤمل فيه أن يحدث تكامل تستفيد منه البشرية جمعاء خاصة وأن الإسلام دين يتسم بتوجه عالمي تضاهي بنيته بنية العولمة الجارية والتي تطغى عليها حالياً الصبغة الغربية ولكنه يتميز عنها بعدالة مضمونه وسمو وإنسانية منطلقاته ودوافعه ورفق ولين نهجه ووسائله . ولا يسع المجال لتفصيل القول في ذلكم .وخلاصة القول من منظور الإسلام - ولعله هو نفس مايمليه المنطق- هوإنه بناءاً على طريقة معالجة البشر لها فإن العولمة يمكن أن تكون نقمة أو نعمة و - وفقاً للتطلعات الدينية الشائعة - المسيخ الدجال أو المسيح /(24 المهدي المنتظر .في 26 - 27 نيسان/ أبريل عام 2004 عقد في مقر قسم العلاقات الكنسية الخارجية لبطريركية موسكو الاجتماع الرابع للجنة الروسية – الإيرانية الخاصة بحوار \"الإسلام – المسيحية الأرثوذكسية \".وحضر الاجتماع وفد من علماء الدين من جمهورية إيران الإسلامية برئاسة آية الله محمود محمدي عراقي رئيس منظمة الثقافة والعلاقات الإسلامية الإيرانية. وترأس الوفد الروسي أسقف ستافروبول وفلاديقوقاز فيوفان.وتناول المجتمعون بالبحث موضوع \"موقف الديانتين السماويتين المسيحية والإسلام من قضايا العولمة من منظور الأخلاق الدينية والثقافة والمعتقدات الدينية\". وأكد الاجتماع أن عمليات العولمة المعاصرة تطرح أمام المتدينين عددا غير قليل من المسائل الحادة. ويتعين على رجال الدين في ردهم على تحديات العولمة أن يقوموا بتطوير حوار يكتنفه جو من المساواة والاحترام المتبادل بين الأديان والثقافات والحضارات على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية. ومما له أهمية خاصة تضافر الجهود في تلك الميادين مثل التأثير في تطوير القانون الدولي والمساهمة في تسوية النزاعات والدراسة الموضوعية لمختلف أنماط العلاقات بين الأديان من جهة والدولة والمجتمع من جهة أخرى.وتمخض الاجتماع الرابع للجنة الروسية – الإيرانية الخاصة بحوار \"الإسلام – المسيحية الأرثوذكسية \" عن بيان مشترك جاء فيه: في فترة 26 - 29 نيسان/ أبريل عام 2004 الميلادي المصادفة 7- 8 أرديبهشت عام 1383 هـ.ش. جرى في مدينة موسكو بروح احترام كل الأديان التوحيدية وبعد تلاوة ترانيم من الكتاب المقدس وترتيل سور من القرآن الكريم، افتتاح أعمال الاجتماع الرابع للجنة الروسية – الإيرانية الخاصة بحوار \"الإسلام – المسيحية الأرثوذكسية \"...وعقب استعراض التقارير وتبادل الآراء توصل الطرفان إلى الاستنتاجات التالية: على الرغم من افتقار تعريف مفهوم العولمة إلى دقة ووضوح يمكن الخلوص إلى تفسيرين رئيسيين له هما أولا، \"العولمة\" كمشروع لتغريب العالم بأسره وثانيا، العولمة كعملية موضوعية للتقارب الطبيعي بين مختلف الشعوب على أساس العلاقات التي تبلورت فيما بينها خلال القرن الأخير. وندد المشاركون في الحوار بحزم مشروع العولمة بمعنى فرض نمط فكري وثقافي اقتصادي وسياسي تتبناه نسبة ضئيلة من سكان المعمورة على سائر الشعوب.وأكد الجانبان بالإشارة إلى ضرورة الترقية الأخلاقية والروحية للصنف البشري وانطلاقا من تطابق مواقف الأديان التوحيدية من دور القيم الأخلاقية في السلوك الفردي والجماعي، أنه في ظل المشاكل الاجتماعية والإنسانية القائمة في العالم المعاصر مثل القتل والعنف و\"ثقافة العرى\" والدعارة واستخدام القوة غير المشروع في حل المسائل الإقليمية والدولية والإدمان على الكحول والمخدرات وتلويث البيئة لا بد من اتخاذ موقف جدي من قضية الأخلاق والروحانية على المستوى العالمي من شأنه أن يساعد علي تقييد تفشي هذه العيوب وإحلال الاستقرار وحماية القيم العائلية وحقوق الأطفال والمراهقين والشباب وتربيتهم الدينية والأخلاقية.وإلى جانب إدانة كل أشكال الإرهاب واستخدام القوة غير الشرعي من قبل الدول وكذلك استخدام القوة على اختلاف أشكاله من أجل تسوية المشاكل الدولية عبر الجانبان عن احتجاجهما على التعاطي الأحادي الجانب مع هذه المشاكل. واستنكر المشتركون بالإجماع استغلال الدين لتبرير الأعمال الإرهابية والعدوان والعنف بحق الأبرياء المسالمين. وينطلق جانبا الحوار من قناعتهما الراسخة بأن المكافحة الفعالة حقا للإرهاب تتطلب إزالة المظاهر التي تولده: الفقر المدقع والظلم الاجتماعي والجريمة والفساد والعداء والتعصب. ودعا أعضاء الوفدين أيضا لتنشيط التعاون وزيادة قسط جمهورية إيران الإسلامية وروسيا الاتحادية في تسوية المشاكل الإقليمية والدولية.وعبر المشتركون في الاجتماع عن ارتياحهم إزاء نجاح تطور الحوار الذي بدأ منذ سبع سنوات بين الكنيسة الأرثوذكسية الروسية ومسلمي جمهورية إيران الإسلامية. ولم تتمكن التحديات الجديدة التي واجهت التعاون بين الأديان خلال هذه الفترة من تقويض العلاقات بين الزعماء الدينيين المسلمين والمسيحيين الأرثوذكس بل شجعتهم على تكثيف هذه العلاقات. وبالإشارة إلى أن الحوار في العالم المعاصر الذي يعاني العديد من الأزمات يكمن أن يصبح أداة مناسبة لإحلال السلام والتفاهم والصداقة والعدالة اتفق الجانبان على توسيع رقعة التعاون من خلال عقد اجتماعات ثنائية ومتعددة الأطراف في موسكو وطهران بحضور ممثلي مختلف الأديانلا يمكن لكل من العولمة وثورة المعلومات أن تؤدي إلى صهر الأفكار والمعتقدات في فكر واحد. حسب راىالشيخ أحمد الوائلي وذلك لأن العولمة تحاول رفع الحدود المادية وثورة المعلومات تطرح أفكاراً جديدة وكل منهما موجود بالفعل يمشي عبر الحدود ولا يرده حاجز. ومع ذلك ما تزال الأديان متعددة والمعتقدات متنوعة. وإنما كل الذي نخشاه هو عدم خلق مناعة علمية وخلقية في الساحة الإسلامية تمنع تأثير الأمور الوافدة. وهذا الأمر يضاعف مسؤولية المؤسسات الدينية سواء الرسمية منها وغير الرسمية. ويحملها التبعة لتضاعف نشاطها في بناء الشخص المسلم بناءً يوازي حجم المستجدات ويرضي التطلعات خصوصاً ونحن على ثقة بأن محتوى الشريعة فيه ذخيرة لا تنفد لتغذية الأجيال فلم يبق إلا البحث في كنوز الشريعة وإعداد كوادر علمية مؤهلة ومنتجة لسد الحاجة وان تكون مؤسساتنا الدينية مراكز بحث وتطوير وإعداد كفاءات وليست مؤسسات للارتزاق على حساب ديننا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق