السبت، 16 مايو 2009

تهديد العولمة للمفاهيم الأساسية في العقيدة الإسلامية :
كما أن العولمة تسعى لإعادة تشكيل المفاهيم الأساسية عن الكون والإنسان والحياة عند المسلمين، والاستعاضة عنها بالمفاهيم التي يروج لها الغرب ثقافيًا وفكريًا.
فالكون ـ في نظر العولمة الثقافية والفكرية ـ لم يخلق تسخيرًا للإنسان ، ليكون ميدان امتحان للناس ولابتلائهم أيهم أحسن عملاً؛ والإنسان لم يخلق لهدف عبادة الله تعالى، والحياة ليست صراعًا ابتدأ منذ خلق الإنسان بين الحق الذي يمثله الرسل والأنبياء وأتباعهم الذين يدعون إلى سبيل الله تعالى بالوحي، وبين الباطل الذي يدعو إليه الشيطان .. والشيطان ليس هو الذي يقود ـ في الحقيقة ـ معركة الباطل ويجند لها جنوده من الرجال والنساء. كما قال سبحانه وتعالى: (وأجلب عليهم بخيلك ورجلك) [الإسراء: 64]. وقال سبحانه وتعالى: (ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزًا) [مريم: 83]، وقال الله تعالى: (الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغون فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفًا) [النساء: 76]، وقال سبحانه : (كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني برئ منك ) [الحشر: 16]. هذه المفاهيم الأساسية للعقيدة الإسلامية، ليست في نظر العولمة الفكرية والثقافية سوى خرافة.
كما أن الموقف من أمم الأرض ـ في نظر العولمة الفكرية والثقافية ـ ليس على أساس المفهوم القرآني القائم على التقسيم العقائدي إلى :
أ ـ (المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم. أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما، وأنه تجب موالاة المسلم لأخيه المسلم ونصرته، وأن يكونوا أمة واحدة تجمعهما العقيدة ولا تفرقهما أي وشيجة أخرى.
ب ـ وإلى كفار تجري عليهم الأحكام الشرعية بحسب علاقتهم بالمسلمين.
هذه المفاهيم القرآنية الإسلامية الأساسية كلها تنقضها العولمة الفكرية والثقافية من أصلها، وتهدمها من أساسها ـ فالكون ـ في نظر العولمة ـ ما هو إلا ميدان تنافس على المصالح الدنيوية، والإنسان حيوان دائب البحث عن ملذاته وشهواته ومنافعه، وليست الحياة سوى فرصة قصيرة لا ينبغي أ، تضيع في غير اللذة والشهرة والجنس والمال والثروة والجمال، وليس وراءها شيء آخر، وما هي إلا سباق بين الناس في هذا الميدان لا ينقصه سوى تعظيم هذه اللعبة لئلا تفسد على الجميع، ولا يصح التفريق بين الناس على أساس عقائدهم فهم أمة واحدة في الإنسانية تجري عليهم أحكام واحدة لا يجوز بحال أن تتفاوت هذه الأحكام بسبب الدين أو العقيدة.
إن خطورة العولمة الفكرية والثقافية تكمن في أنها تعمل على إعادة تشكيل المفاهيم الأساسية التي تشكل أصول عقيدة المسلم . بل تنفضها وتستعيض عنها بمفاهيم غريبة كافرة ملحدة لا تؤمن بوجوب عبادة الله واتباع الوحي والاستعداد للآخرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق