الاثنين، 4 مايو 2009

العولمة..في التلفاز.. في المذياع.. في الجرائد والصحف.. على الإنترنت.. على المقاهي.. في الحمامات ودورات المياه.. أصبح الأمر لا يطاق حقٌاً!!
لا أحد يعرف المعنى المحدد للكلمة، والكل يلوكها في حديثه في نفس الوقت!!أنا سأقول لكم معنى العولمة.. انسوا السياسية.. انسوا الاقتصاد.. انسوا العبارات الرنانة من طراز الاجتياح الاقتصادي.. انسوا المقررات الجافة وتعريفات من طراز القرية الصغيرة التي لن يكون العرب فيها سوى النعاج ومن سواهم الرعاة أو الذئاب في أفضل الأحوال.. انسوا كل هذا.. العولمة هي كل شيء غير طبيعي يحدث حولنا!!
العولمة هي أن تدخل بيتك في منتصف الليل لتكتشف أنك أول الواصلين، وأن زوجتك لا تزال في عشاء عمل.. العولمة هي أن تحتاج لمرشح لقطات كي تستطيع مشاهدة التلفاز مع أسرتك بسلام.. العولمة هي أن توصل ابنتك إلى حفلة راقصة في التاسعة ليلا، وترجوها أن تعود إلى البيت قبل الواحدة حفاظا على سمعتك في البلد..
العولمة هي أن يكون الكلب الساخن هو وجبتك المفضلة مقدمة إليك من محلات (الأسطى) ماكدونالد.. والكلب الساخن هنا، لمن لم يتشرف بمعرفته بعد، هو ما يصطلح على تسميته بـ(الهوت دوغ).. هذه هي ثقافة التحضر الحق حسب آخر المعايير العالمية الأمريكية.. والدولة التي تعترض وتحاول الحد من هذه المظاهر ما هي إلا دولة متخلفة لا تستحق أن تعيش في عصر التحضر..
فلنترك كل هذا ولنلق نظرة على نافذة الشريحة الأكثر تأثرا بثقافة العصر.. دعونا ندخل أول مدرسة ثانوية تقابلنا.. أدر عينيك يمنة ويسرى! لقد تم فرض نظام اللباس الموحد منذ فترة قريبة لمحاولة الحد من مظاهر الفروق الطبقية.. هذا صحيح ويدل على بعد نظر كبير.. ففتياتنا يا سادة لا يجدن الدعم المادي الكافي ليسترن أجسادهن شبه العارية.. يبدو أن أزمة الأثواب قد وصلت إلى حد مستفحل حقا حتى مست أغنى الأغنياء في البلد.. فبعد أن كانت الفتيات يلبسن (الماكسي جيب).. ضاق الحال بهن فاضطررن إلى ارتداء (الميني جيب).. و حينما استفحلت الأزمة بشدة لم يجدن بدا من ارتداء (المايكرو جيب) وذلك حفاظا على ثروة الأثواب من الاستنزاف.. وأمام هذه الحال المزرية اضطرت الدولة إلى فرض اللباس الموحد في محاولة لكي لا تصل الظاهرة إلى مرحلة (اللا جيب)، و هي ظاهرة غير محببة إلى النفس خصوصا في بلد (((مسلم))) كبلدنا..
ولكن الضمير الحي لفتياتنا لم يترك الأمر يمشي على ما يرام، فقد أخذت الغالبية العظمى منهن لباسها إلى الخياطين، وطلبن منهم أن يختصروا ما استطاعوا وباقي الثوب حلال عليهم.. لذا فقد عمل الخياطون بكل حماسة طبعا وعادت (الميني جيبات) إلى الميدان من جديد..
والظاهرة غير الطبيعية التي عشتها بنفسي ولا زلت لحد الآن لا أصدقها هي أنه في إطار حملة الدولة للحد من مرض الإيدز، قامت بدورات توعية على مستوى المدارس الثانوية، وفي نهاية العروض كانت هناك حملات خيرية لتوزيع العوازل الطبية على المراهقين مجانا.. وهذا مجهود يشكرون عليه وسياسية فذة قد أثبتت نجاحها في الحد من نسبة المراهقين المصابين بالمرض، ونجاعتها في الرفع من نسب الفساد في آن واحد.. ومن دواعي السخرية أن نتحدث الآن عن شيء اسمه شرطة محاربة الفساد.. يبدو أن الشرطة من الآن فصاعدا ستدخل إلى بيوت الفساد، وتلقي القبض على كل المجرمين الذين لا يضعون عوازل طبية ويتركون المواطنين الشرفاء الواعين يمارسون حقهم المشروع في الحياة ما داموا يضعون العوازل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق