الاثنين، 4 مايو 2009

الإسلام والعولمة: ويلاحظ أن الإسلام وإن كانت دعوته عالمية الهدف والغاية والوسيلة، ويرتكز الخطاب القرآني على توجيه رسالة عالمية للناس جميعًا، ووصف الخالق - عز وجل- نفسه بأنه "رب العالمين" ، وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم مقترنًا بالناس والبشر جميعًا. فإن حضارة الإسلام قامت على القاسم المشترك بين حضارات العالم، فقبلت الآخر وتفاعلت معه أخذًا وعطاءً، بل إن حضارة الإسلام تعاملت مع الاختلاف بين البشر باعتباره من حقائق الكون. لذلك دعا الخطاب القرآني إلى اعتبار فوارق الجنس والدين واللغة من عوامل التعارف بين البشر. اتساقًا مع نفس المبادئ، يوحد الإسلام بين البشر جميعًا رجالاً ونساءً، في جزئيات محددة: أصل الخلق والنشأة، والكرامة الإنسانية والحقوق الإنسانية العامة، ووحدة الألوهية، وحرية الاختيار وعدم الإكراه، ووحدة القيم والمثل الإنسانية العليا.وتبدو الاختلافات جلية بين عالمية الإسلام ومفهوم "العولمة" المعاصر، فبينما تقوم الأولى على رد العالمية لعالمية الجنس البشري والقيم المطلقة، وتحترم خصوصيته وتفرد الشعوب والثقافات المحلية، ترتكز الثانية: على عملية "نفي" و "استبعاد" لثقافات الأمم والشعوب ومحاولة فرض ثقافة واحدة لدول تمتلك القوة المادية وتهدف عبر العولمة لتحقيق مكاسب السوق لا منافع البشر.ورغم هذه السيطرة الغربية على العولمة ومسارها إلا أن القوى المختلفة الداعية إلى حق الاختلاف والخصوصية الدينية والثقافية يمكنها توظيف أدوات العولمة ذاتها لمواجهتها، ففي قمة "سياتل" التي انعقدت في الولايات المتحدة الأمريكية ديسمبر 1999 نظم ونسق المعارضون لاتفاقية الجات جهودهم عبر شبكة الإنترنت، مما يدل على أن الإنسان يستطيع توظيف كل جديد في الدفاع عن هويته وذاته... وإنسانيته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق