الجمعة، 10 أبريل 2009

ثقافة العولمة لمواجهة عولمة الثقافة...
١ آذار (مارس) ٢٠٠٤بقلم نضال نجار
تُعتَبر تكنولوجيا المعلومات والاتصال من أهم قوى الدفع للعولمة الثقافية،فقد تقلَّصَ الزمان والمكان في تبادل المعلومات والعلاقات والمفاهيم والآراء والنظريات .. إلخ ما أدى إلى انصراف الناس عن الكتاب وبالتالي تضخم سوقه ما يعني اتساع الفجوة بين المواطن والثقافة المحلية من فنون وآداب ومعارض ومهرجانات .. ولاعجب بأن تُغلَقَ المراكز الثقافية فعلياً بعدما اختارتْ أن تعزلَ كيانها عن المجتمع المدني وحاجياته وتطوراته..
هذه المراكز(الثقافية) ولأنها لم تؤدي واجبها ومهامها بالالتزام بالثقافة كضرورةٍ وحاجةٍ لنمو المجتمع فقد أثبتتْ فشلها بل عجزها أمام تحديات العولمة الثقافية... وهذه المباني تحوَّلتْ إلى (مقاهٍ) لتبادل الأحاديث العامة وفي مقدمتها السياسية وارتشاف فناجين القهوة واستشراف الغيب بنفث دخان التبغ في الأجواء...
هكذا هو الحال الواقع ، ما أدى إلى صِدامٍ هائلٍ بين المثقف الحقيقي الذي يحملُ رسالة التنوير ونشر الوعي وبين دعاة الثقافة الذين يحملون همومهم الشخصية كحاجتهم إلى المال من أجل وقود الشتاء، ومؤونة الغذاء ، وذخيرةٍ لمعالجة البلاء.. وهلمَّ جراً... لكأن المراكز الثقافية قد أُوجِدَتْ لمناقشة تلك الخصوصيات بدل قضايا الثقافة التي انتحبتْ منذ أن تسنَّمَ عروش المناصب الثقافية رجالٌ لايربطهم بالثقافة أي رابط سوى مصلحتهم الشخصية..
لهذا ظهرت فئةٌ من الأوفياء لهؤلاء الرجال ( رعاة بل دعاة الثقافة) فراحت تتبادلُ وإياهم المصلحة أو المنفعة المشتركة، ما يعني إبعاد كل ما يُعكِّر صفوهم من الفئات الشابة التي عاهدت نفسها على الجهاد من أجل وفي سبيل الثقافة لضرورتها .. وتستمر الكوميديا الثقافية ، فيُوافق هؤلاء الدعاة على نشر أعمال أوفيائهم من خزينة الدولة ما يعني اختلاسٌ واضحٌ وصريح يتبنَّاه الطرفان الداعية الثقافي ومريده الوفي...
تلك الأعمال نراها على رفوف المكتبات وفي الشوارع ، ليس لأن الناس ابتعدوا عن القراءة بل لأنها هي العلة بمعنى أنها لا تحملُ مضموناً أو فكرةً ترقى إلى المستوى الفكري والثقافي الذي لدى الناشئة.. وهذا برأيي إرهابٌ ثقافيٌّ يُمارَسُ علناً من قبل تلك الجهات فهي تفرضُ ثقافةً قديمةً بالَ الدهر عليها بعد أن شربَ الزمان ، فالعالمُ في تطورٍ دائمٍ ومستمر بينما هذه الأعمال تعبر عن صورة أهل الكهف أولئكَ الذين يسمعون ويستمعون إلى الفكر المنفتِح لكنهم لا يفقهون شيئاً ، يتحدثون ويُحدِّثون أصحاب الفكر المنفتِح فيعجزون عن إيصال أفكارهم وآرائهم، يشاهدون الفجوة والواقع المرير لكنهم لا يرون الحقيقة كالفروق الشاسعة والواسعة بين فكرهم القديم الذي لا يتلائم والعصر الراهن والفكر الحديث الذي يُطالب بالثقافة والانفتاح على ثقافات الآخر وحضاراته..
ومن الطبيعي أن العاجز عن رؤية الحقيقة ـ العلَّة أو الاعتراف بها قطعاً عاجزٌ عن تشخيص الحالة وتقديم العلاج الناجع لها وهو ضرورة الانفتاح الثقافي بالمعنى الواسع للعبارة.. فالثقافة ينبغي أن تسود في كل مجالات الحياة ، في السياسة والاقتصاد والعلاقات العامة ووو...
إن اندماج بلدٍ ما( وخاصةً ذاك الذي يشكو من خمولٍ بل جمودٍ بل شللٍ ثقافي) في الثقافة العالمية يشكِّلُ نوعيةً وتوعيةً ثقافيةً ( وخلقناكم شعوباً وقبائلَ لتعارفوا) .. هذا الاندماج يعلِّم كيفية الارتقاء بآليات التأقلم الايجابي مع خطر العولمة وبالتالي كيفية الاسراع لردم الهوة من خلال التنافس الفكري سواء على الصعيد الفردي أو المجتمعاتي ككل..
ما يؤدي إلى تحقيق مكاسبَ عديدةٍ له أولها تعزيز ودعم وحماية خصوصيته الثقافية، ما يعني صموده أو بالأحرى تقدمه وتطوره لأن التطور يعني مقاومة الخطر أولاً وأخيراً..
نهايةً ليس بمقدور أي انسانٍ أن ينأى عن تأثير العولمة وإلاَّ بقيَ في عزلةٍ أبديةٍ من التهميش والتبعية ليس محلياً فقط بل عالمياً.. وعليه، فإ أي بلد عربي عليه إما التأقلم ( الايجابي) مع العولمة أو التعرض( السلبي) لتهديداتها ..
ثقافة العولمة ضرورةٌ لمواجهة عولمة الثقافة...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق