الاثنين، 13 أبريل 2009


المرأة العربية والإعلام في زمن العولمة
الإثنين, 10-يناير-2005
بقلم : فوزية بامرحول * - المرأة العربية والإعلام في زمن العولمةزمن العولمة أو ما يسمى بالنظام العالمي الجديد، زمن الثورة العلمية والتكنولوجية المعلوماتية وهو الزمن الذي جاء نتاجا لتفاعلات طبيعية إن لم نقل، صراعات، للحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية لدول الغرب، وهي الحقبة الجديدة التي يعيشها العالم بعد سقوط النظام الشيوعي وتقهقر النظام الاشتراكي، وبما أن البقاء للأقوى دوما فإن دول الغرب التي طالما سعت في حقبة زمنية سابقة لسيطرة نفوذها الاستعماري، في شتى بقاع الأرض هي نفسها من يسعى الآن لفرض استعمار جديد سلاحها الأقوى فيه هو الغزو الفكري.ويساعدها في نشر ذلك وبجهد وزمن قياسيين تقنيات التكنولوجيا الحديثة من أجهزة اتصال ومعلومات وحيث الترويج لما يسمى بالتحرر الاقتصادي والانفتاح على العالم والانضمام إلى منظمة التجارة الدولية والبنك الدولي وتنفيذ بنود اتفاقية الجات حتى من قبل، الدول التي ، لم توقع عليها أصلا.كما لعبت الشركات المتعددة الجنسيات دورا كبيرا في ذلك من خلال الاستثمار في العديد من الدول النامية ودول التكتل الشيوعي السابقة وبعض الدول العربية وساهمت في عملية تشغيل العمالة المحلية لتلك البلدان بالإضافة إلى منتسبيها الذين يعتمدون في تسهيل أعمالهم على وسائل، الاتصال والمعلومات الحديثة ومتشبعون بالفكر الغربي الذي يروج للعولمة، ويتغنى بمزاياها ونحن في الدول العربية - من وجهة نظري، الشخصية- يتطلب منا ما يلي:أ- الأخذ بعين الاعتبار أن العولمة عملية واقعة ونحن نعيش زمنها، وإن نفي ذلك يعتبر هروبا من الواقع.ب- عدم التظاهر بأننا لا نعير العولمة أية اهتمام وأننا في الدول العربية بعيدين عن رياح التغيير ج- عدم الانصياع أيضا لما تروج له بعض المؤسسات الدولية الغربية بان العولمة تحمل في طياتها كافة الحلول لمشاكل العالم السياسية والاقتصادية.د- تكييف، بنود العولمة وشروطها بما يتناسب وطبيعة بيئتنا العربية لما لها من خصوصية تختلف، عن الغرب، اختلافا جذريا بفعل العادات والتقاليد والدين.وفي ظل ذلك نأتي إلى واقع المرأة العربية ودور الإعلام العربي تجاه قضاياها في زمن العولمة حيث كلنا يدرك ما لحق وما سيلحق المرأة العربية من أضرار من جراء العولمة وتوجه معظم الدول العربية نحو رسم سياسات للإصلاح الاقتصادي والانخراط فيما يسمى بالنظام العالمي الجديد، والعمل بموجب اتفاقيات البنك الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، وتسارع وتهافت بلداننا العربية للحاق بركب التقدم العلمي والتكنولوجي، كما توجهت بعض الدول نحو برامج الخصخصة والتي بفعلها بدأت تضيق، فرص العمل كما ظهرت، اختلالات في هياكل العرض لسوق العمل والطلب للقوى العاملة وهذه الاختلالات تفرض بطبيعتها ضغوطا اجتماعية واقتصادية وسياسية تنعكس على المجتمع بشكل عام وعلى النساء بشكل خاص. ونقولها صراحة هنا أن حور الإعلام تجاه المرأة وقضاياها كان سلبيا نوعا ما ..علما إن هناك عدة محاور يمكن للإعلام الخوض فيها وإظهار الصورة الحقيقة لمساهمة المرأة العربية من خلال إبراز مشاركتها في شتى الجوانب وخاصة الحياة الاقتصادية والتي تعتبر مشاركة المرأة العربية فيها إنجازا كبيراً لتحسين ظرفها المعيشية خاصة ولزيادة مساهمتها في عملية التنمية عامة.كما كان للإعلام العربي، موادا غنية تجاهلها ولم يعمد إلى بثها، أو عمل الدعاية الإعلامية لها وهي الكثير من المؤتمرات والندوات التي تعنى بشئون المرأة وتقوم بعقدها وتمويلها الكثير من المنظمات الدولية والعربية الحكومية منها وغير الحكومية وكذا الاتحادات، العمالية والمهنية والنسائية التي لعبت دورا هاما في تحسين دور المرأة وأداءها وتمكينها من المشاركة والمساهمة الاقتصادية، والدفع بها نحو مواقع صنع القرار.نحن لا نريد من الإعلام العربي أن يلعب دورا في تفعيل أداء المرأة لان هذا ما تقوم به فعلا ولكن عليه أن يلعب دورا واقعيا في نقل، الصورة الحقيقة المساهمة المرأة في التنمية الاقتصادية وفي مناحي الحياة الأخرى على الصعيد السياسي والثقافي والاجتماعي، حيث أن الغزو الإعلامي الغربي ساهم كثيرا في إبهات صورتها، ولكن ما يؤسف له هو اتخاذ معظم قنواتنا وفضائياتنا العربية من تلك الصورة الباهتة ومناظر شبه التعري والتمايل والإيحاءات التي تخاطب الغرائز موادا دسمة وغنية لبثها، وبالتالي نقول مسكينة هي، المرأة العربية فكم من الجبهات التي يتحتم عليها الدفاع والنضال فيها! أهي جبهة الخوض وبكل قوة في المشاركة الاقتصادية واثبات الذات، والوصول إلى مواقع القرار أم النضال لأجل أخذ حقها في المشاركة السياسية وأن كان بفعل "الكوتا" وليس بفعل قناعة النوع الآخر، أم النضال في جبهة الإعلام التي تطالعنا يوميا بأشكال وألوان من النساء اللاتي نود القول لهن بل الصراخ في آذانهن أننا نحن بنات حواء بريئات منكن إلى يوم الدين لان جمال المرأة برجاحة عقلها وباحتشامها وحيائها وليس بتعريها و إبراز واستعراض مفاتنها!؟فهل يعي الإعلام العربي، والقائمون عليه دورهم الحقيقي تجاه المرأة العربية وقضاياها؟؟وهل سيهبون من سباتهم للتحرر من الغزو الفكري الغربي الذي استعمر واستوطن عقول الكثيرين ويعودون إلى صوابهم؟وليتذكر العاملون في الحقل الإعلامي أنهم يحملون رسالة سيسألون عنها يوم القيامة!! فما سيكون ردهم يوم لا ينفع الإنسان إلا ما قدمت يداه.* فوزية بامرحول :عضو دائرة المرأة العاملة والطفل بالاتحاد العام لنقابات عمال اليمن ، رئيس دائرة المرأة بالجنة والنقابية لشركة النفط اليمنية ، الإدارة العامة صنعاء.
العولمة و الأشاوس
رؤيةالثلاثاء 2/9/2008غسان شمةوجد البعض ضالتهم في العولمة, فهي العدو الجديد , وهي مبعث الشرور و أم الرذائل التي تحض كتابنا و مبدعينا على الانفلاش و الكتابة من فوق الفراش ,
وجعل الجنس أول و أخر اهتماماتهم, غارقين في لجته العميقة, مبتعدين عن القضايا الكبيرة و الصغيرة التي قد تتعارض مع العولمة!‏
و الأمر نفسه قد ينطبق على ميادين أخرى مثل الموسيقا و الثياب و الحوار والديمقراطية ... و حتى المطالبة بالبطاطا اذا ما انقطعت عن الجمهور والسوق لأي سبب كان?!‏
و قد لا يتورع أحدهم عن القول: ان المسلسلات التركية نتاج للعولمة جعل نساءنا يذرفن الدمع على البطولات الحالمة و المواقف التي تقطع نياط القلب .. و ان المسلسلات المكسيكية كانت المقدمة التي مرت لرأس العولمة الضارب في كل مكان !‏
اذاً فلنشد الاحزمة و لنبدأ الحرب ضد العولمة فنمنع الكتاب من الحديث عن الجنس و السياسة و الدين, و نمنع كل ألوان التحديث باسم الاصالة والعراقة و التراث و الحفاظ على الشخصية الثقافية و الفكرية للامة....!‏
و من المهم أيضاً منع نسائنا من الخروج الى العمل أو الشارع خشية تعرضهن لأي موقف من مواقف العولمة , قبح الله وجهها, و لنقفل اجهزة التلفاز, و لنضع الحواجز الصادة لمختلف الموجات الاذاعية...و لنجلس متربعين, متكتفين, داعين الله بالنجاح و التوفيق لسدنة الرأي هؤلاء...!‏
هل يظنن أحد ما أن العولمة ستمر من هنا أو هناك و كل هؤلاء الاشاوس يتربصون بها في كل مكان ?!‏

الجمعة، 10 أبريل 2009


مفهوم العولمة
انتشر استخدام مصطلح العولمة في كتابات سياسية واقتصادية عديدة (بعيدة عن الإنتاج الفكري العلمي الأكاديمي في البداية) في العقد الأخير، وذلك قبل أن يكتسب المصطلح دلالات استراتيجية وثقافية مهمة من خلال تطورات واقعية عديدة في العالم منذ أوائل التسعينات.يُستخدم مفهوم العولمة لوصف كل العمليات التي بها تكتسب العلاقات الاجتماعية نوعًا من عدم الفصل (سقوط الحدود) وتلاشي المسافة؛ حيث تجري الحياة في العالم كمكان واحد -قرية واحدة صغيرة- ومن ثم فالعلاقات الاجتماعية التي لا تحصى عددًا أصبحت أكثر اتصالاً وأكثر تنظيمًا على أساس تزايد سرعة ومعدل تفاعل البشر وتأثرهم ببعضهم البعض. وفي الواقع يعبر مصطلح العولمة عن تطورين هامين هما: التحديث Modernity، والاعتماد المتبادلInter-dependence ، ويرتكز مفهوم العولمة على التقدم الهائل في التكنولوجيا والمعلوماتية، بالإضافة إلى الروابط المتزايدة على كافة الأصعدة على الساحة الدولية المعاصرة. وبناء على ذلك، فالمفهوم يحتوي على مساحة من التناقض بين وجهة النظر الليبرالية الداعية للاحتفال بالاعتماد المتبادل بين الدول، مقابل وجهة النظر الراديكالية التي لا ترى في ذلك إلا مزيدًا من السيطرة العالمية للرأسمالية والنظام الاقتصادي المرتكز على حرية السوق.وتاريخيًا، فإن مفهوم العولمة لا يتجزأ عن التطور العام للنظام الرأسمالي، حيث تعد العولمة حلقة من حلقات تطوره التي بدأت مع ظهور الدولة القومية في القرن الثامن عشر، وهيمنة القوى الأوروبية على أنحاء كثيرة من العالم مع المد الاستعماري. بين رأس المال والتكنولوجيا والثقافة: ومؤخرًا، ساهمت ثلاثة عوامل في الاهتمام بمفهوم العولمة في الفكر والنظرية، وفي الخطاب السياسي الدولي:
1 - عولمة رأس المال أي تزايد الترابط والاتصال بين الأسواق المختلفة حتى وصلت إلى حالة أقرب إلى السوق العالمي الكبير، خاصة مع نمو البورصات العالمية.2- التطور الهائل في تكنولوجيا الاتصال والانتقال والذي قلل -إلى حد كبير- من أثر المسافة، وانتشار أدوات جديدة للتواصل بين أعداد أكبر من الناس كما في شبكة الإنترنت.
3 - عولمة الثقافة وتزايد الصلات غير الحكومية والتنسيق بين المصالح المختلفة للأفراد والجماعات، فيما يسمى الشبكات الدولية Networking حيث برز التعاون استنادًا للمصالح المشتركة بين الجماعات عبر القومية، مما أفرز تحالفات بين القوى الاجتماعية على المستوى الدولي، خاصة في المجالات النافعة مثل: الحفاظ على البيئة، أو في المجالات غير القانونية كتنظيف الأموال والمافيا الدولية للسلاح.وفي الواقع، فإنه على الرغم من ترحيب دعاة العولمة بزوال الحدود القومية ودعوتهم لإنهاء الدولة القومية، والحد من الإغراق في الخصوصية الثقافية والمحلية، لكن الواقع الحالي يثبت وجود قوتين متعارضتين: التوحد والتجزؤ. التوحد والتجزؤ: فبينما يتجه الاقتصاد لمزيد من الوحدة على الصعيد الدولي، تخطو السياسة نحو المزيد من التفتت مع نمو الوعي العرقي والنزاعات الإثنية، في حين تتراوح الثقافة بين انتشار الثقافات الغربية في الحياة اليومية وبين إحياء الثقافات والتراث في أنحاء المعمورة.وعلى الرغم من عولمة رأس المال فإن الهوية تتجه نحو المحلية. على سبيل المثال: فإن اختفاء الحدود بين شطري ألمانيا ونشأة كيانات موحدة والسير نحو الوحدة الأوروبية الغربية واكبه تفتت يوجوسلافيا وإحياء الروح الانفصالية في أفريقيا وآسيا.وعلى صعيد عمليات الاتصال بين أرجاء المعمورة، فإن تكنولوجيا الاتصال قد قللت إلى حد كبير من تأثير المسافات بين الدول، وازدياد التفاعل بين الأشخاص والثقافات - بعبارة أخرى: حوار الحضارات، مما قاد إلى تكوين ثقافة عالمية جديدة يستغربها الذين اعتادوا على ثنائية "الذات والآخر"، فهناك دعوة للاندماج تبرز في مدارس الفن والفلسفة، وحوارات على كافة الأصعدة الحضارية والدينية. ويركز المتوجسون من العولمة على الروح الاستهلاكية العالية التي تواكب هذه المرحلة، والتي تتضح فيما يُسمى ثورة التطلعات، وانتشار النمط الاستهلاكي الترفي بين الأغنياء، أو الحلم به وتمنيه بين الفقراء.وتنطوي العولمة على درجة عالية من العلمنة -أي تغليب المادية والحياة العاجلة على أية قيم مطلقة، واختزال الإنسان في بعده المادي الاستهلاكي، وأحيانًا الشهواني، فعلى سبيل المثال: تتعامل ثقافة الإعلام في ظل العولمة مع المرأة طبقًا لرؤية نفعية، يكون فيها جسد المرأة أداة لتعظيم المنفعة المادية، فمن ناحية تعتبر المرأة سلعة يمكن تسويقها - من خلال العروض التلفزيونية والإعلانات - عالميًا، ومن ناحية أخرى تعتبر هدفًا لتسويق سلع استهلاكية كمستحضرات التجميل والأزياء - وتتجلى هذه الرؤية في أشكال شتى منها مسابقات ملكات الجمال.وعلى الرغم من انتشار مفهوم العولمة، فإن العالم يفتقر إلى وجود وعي عالمي أي إدراك الأفراد لهويتهم الكونية أكثر من الهويات المحلية. فواقعيًا، لا زالت الهويات المحلية تتصارع مع تلك الهوية العالمية التي تهيمن عليها القوى الكبرى اقتصاديًّا ونموذجًا حياتيًّا (الأمركة)، فعلى سبيل المثال بينما تتحد الدول في وحدات إقليمية كبيرة فإن التواصل بينها مفتقد، وبينما تتسارع العولمة الاقتصادية والعلمية والتكنولوجية سعيًا وراء تقليل فوارق المسافة، تخلق السياسة العديد من الفجوات بين الدول. وتعبر هذه السلوكيات عن جدلية إدراك الإنسان لدوره ككائن اجتماعي من ناحية، وكفرد يتصارع عالميًا سعيًا وراء مكانة خاصة.ويرى بعض الباحثين أن الإشكالية في العلاقة بين العالمي والمحلي تتفاقم حين تحاول القوى العالمية الكبرى مثل: الولايات المتحدة أن تُعطي الطابع العالمي لما هو محلي لديها من أجل تحقيق مصالحها الخاصة. ويرجع انتشار هذا النموذج الأمريكي إلى امتلاك الولايات المتحدة لمنافذ إعلامية عديدة وعالمية.ويطلق الباحثون على تلك العملية، "عولمة المصالح المحلية"، ومن المهم إدراك أن مفهوم "العولمة" يرتكز على عملية ثنائية الأبعاد: كونية الارتباط - ومحلية التركيز، وهذا التضاد هو طبيعة كل واقع جديد، لذلك يصح أن نطلق عليها لفظ "العولمة المحلية" Globalization and localization . الإسلام والعولمة: ويلاحظ أن الإسلام وإن كانت دعوته عالمية الهدف والغاية والوسيلة، ويرتكز الخطاب القرآني على توجيه رسالة عالمية للناس جميعًا، ووصف الخالق - عز وجل- نفسه بأنه "رب العالمين" ، وذكر الرسول صلى الله عليه وسلم مقترنًا بالناس والبشر جميعًا. فإن حضارة الإسلام قامت على القاسم المشترك بين حضارات العالم، فقبلت الآخر وتفاعلت معه أخذًا وعطاءً، بل إن حضارة الإسلام تعاملت مع الاختلاف بين البشر باعتباره من حقائق الكون. لذلك دعا الخطاب القرآني إلى اعتبار فوارق الجنس والدين واللغة من عوامل التعارف بين البشر. اتساقًا مع نفس المبادئ، يوحد الإسلام بين البشر جميعًا رجالاً ونساءً، في جزئيات محددة: أصل الخلق والنشأة، والكرامة الإنسانية والحقوق الإنسانية العامة، ووحدة الألوهية، وحرية الاختيار وعدم الإكراه، ووحدة القيم والمثل الإنسانية العليا.وتبدو الاختلافات جلية بين عالمية الإسلام ومفهوم "العولمة" المعاصر، فبينما تقوم الأولى على رد العالمية لعالمية الجنس البشري والقيم المطلقة، وتحترم خصوصيته وتفرد الشعوب والثقافات المحلية، ترتكز الثانية: على عملية "نفي" و "استبعاد" لثقافات الأمم والشعوب ومحاولة فرض ثقافة واحدة لدول تمتلك القوة المادية وتهدف عبر العولمة لتحقيق مكاسب السوق لا منافع البشر.ورغم هذه السيطرة الغربية على العولمة ومسارها إلا أن القوى المختلفة الداعية إلى حق الاختلاف والخصوصية الدينية والثقافية يمكنها توظيف أدوات العولمة ذاتها لمواجهتها، ففي قمة "سياتل" التي انعقدت في الولايات المتحدة الأمريكية ديسمبر 1999 نظم ونسق المعارضون لاتفاقية الجات جهودهم عبر شبكة الإنترنت، مما يدل على أن الإنسان يستطيع توظيف كل جديد في الدفاع عن هويته وذاته... وإنسانيته

العولمة والنمو والفقر.. بناء اقتصاد عالمي شامل

عرض/ إبراهيم غرايبةيبحث الكتاب، وهو مجموعة من الدراسات، في تأثير التكامل الاقتصادي على الدول النامية، وبخاصة الشعوب الفقيرة التي تعيش في تلك الدول، ويعيش خمس سكان العالم على أقل من دولار واحد يوميا، وهو أمر غير مقبول في عالم ينعم بقدر هائل من الوفرة. ويناقش أساسا مقولة كيف يمكن للاقتصاد العالمي أن يدعم خفض الفقر إن كان ذلك ممكنا.
غلاف الكتاب-اسم الكتاب: العولمة والنمو والفقر: بناء اقتصاد عالمي شاملتقرير البنك الدولي عن بحوث السياسات-ترجمة: هشام عبد الله-عدد الصفحات: 217 -الطبعة: الأولى 2003-الناشر: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت
مؤشرات اقتصادية للعولمةيكشف التقرير عن ثلاثة مؤشرات اقتصادية للعولمة:
1- هناك مجموعة من الدول الفقيرة يبلغ عدد سكانها حوالي ألفي مليون نسمة اقتحمت السوق العالمي للصناعات التحويلية والخدمات، بعدما كانت صادراتها قبل 20 سنة تقتصر على السلع الأساسية. ومن أوضح الأمثلة على هذه الدول الهند والصين وفيتنام وبنغلاديش، ونقص عدد الفقراء في عقد التسعينات بمقدار 120 مليون شخص.
2- ثمة مجموعة أخرى من الدول الفقيرة التي يزيد عدد سكانها على ألفي مليون نسمة تحوز مكانة ضئيلة هامشية في الاقتصاد العالمي، وكانت نسبة مساهمتها في الاقتصاد في أواخر التسعينات أقل مما كان عليه الحال قبل 20 عاما، ومن هذه الدول أفغانستان والكونغو الديمقراطية.
3 – كشفت استطلاعات الرأي في مختلف البلدان عن قلق من الاندماج الاقتصادي والهيمنة الثقافية، برغم أن دولا كثيرة تشارك في الاقتصاد العالمي مع احتفاظها بخصوصيتها الثقافية مثل اليابان وماليزيا والصين والمكسيك والهند.
ويخلص التقرير إلى أن الاقتصاد العالمي دعم خفض الفقر، ولكن يمكن أن يكون أكثر تكاملا ونجاحا واهتماما بالدول الفقيرة والهامشية، وفي وسع الدول الغنية أن تفعل الكثير لمساعدة الدول المهمشة.
”رافق العولمة الاقتصادية موجات هجرة من الدول الفقيرة إلى الدول الغنية التي تميل إلى تفضيل العمال المتعلمين مما يؤدي إلى استنزاف العقول من الدول النامية”موجات العولمة حدثت الموجة الأولى للعولمة خلال الفترة 1870-1914 حين فتح التقدم في مجال النقل الطريق أمام بعض الدول لاستخدام وفرة أراضيها لزيادة الإنتاج ومضاعفة الصادرات، وازدادت نسبة رؤوس الأموال الأجنبية بمقدار يزيد على ثلاثة أضعاف الدخل في دول أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، وهاجر حوالي 60 مليون إنسان من أوروبا إلى أميركا الشمالية والعالم الجديد، وتدفق العمال من الدول الأكثر كثافة مثل الصين والهند إلى الدول الأقل كثافة مثل سريلانكا وفيتنام والفلبين وتايلند، وبلغ الحجم الكلي لهجرة العمال حوالي 10% من مجموع سكان العالم.
وكانت الموجة الثانية للعولمة بين عامي 1950 و1980 وهي موجة ركزت على التكامل بين الدول الغنية من خلال سلسلة عمليات تحرير التجارة متعددة الأطراف برعاية الاتفاقية العامة للتعرفات الجمركية والتجارة (الغات)، واقتصرت صادرات الدول النامية في هذه الفترة على السلع الأساسية.
وبدأت الموجة الثالثة منذ عام 1980 وارتبطت بتقدم تقنيات المعلوماتية والاتصال، وضاعفت في أثنائها مجموعة من الدول يبلغ عدد سكانها ثلاثة آلاف ملايين نسمة نسبة تجارتها ودخلها، وتوقف العدد الإجمالي للفقراء عن التزايد وهبط في الواقع بمقدار 200 مليون شخص، وتوقف أيضا عدم المساواة عن الارتفاع، واتسعت المشاركة في التصنيع العالمي، وارتفعت معدلات العمر والالتحاق بالمدارس.
البنية الدولية للتكامل الاقتصاديخفضت الكثير من الدول النامية من قيودها على المستوردات، وخفضت الرسوم الجمركية تخفيضا كبيرا، وقد ارتفعت الصادرات من المنتجات الصناعية للدول النامية من 25% عام 1980 إلى 80% عام 1998.
وما زالت الدول الغنية تفرض سياسات حمائية برغم انخفاض التعرفة الجمركية فيها، وهذه السياسات الحمائية مفروضة على سلع ومنتجات تتمتع الدول النامية بميزة نسبية بها، وتؤدي هذه السياسات إلى تكلفة على الدول النامية تقدر بمائة مليار دولار، وهو ضعف مجموع المساعدات التي تقدمها دول الشمال إلى دول الجنوب.
وخفضت الدول النامية القيود على الاستثمارات الأجنبية، وبرغم الفوائد الظاهرة للانفتاح الاقتصادي فإنه يؤدي إلى أضرار كبيرة، فقد حدثت كوارث اقتصادية في إندونيسيا وتايلند وكوريا والأرجنتين.
ورافق العولمة الاقتصادية موجات هجرة من الدول الفقيرة إلى الدول الغنية، ومن الأرياف إلى المدن في داخل الدول، ولكن نسبة تدفق الأيدي العاملة المهاجرة هي أقل بكثير من الموجة الأولى للعولمة، ولا يزيد العدد الإجمالي للمهاجرين الذين يعيشون في دول ليسوا مواطنين فيها عن 2% من مجموع سكان العالم، وفي الوقت نفسه فإن الدول الغنية تواجه نسبة كبار السن في قواها العاملة مقابل نسبة الفتوة في الدول النامية، كما أن الزيادة السكانية في الدول النامية هي أكبر بكثير منها في الدول الغنية.
وتفرض الدول الغنية إجراءات مشددة على الهجرة، وهي تميل إلى تفضيل العمال المتعلمين، مما يؤدي إلى استنزاف العقول من الدول النامية، وقد يساهم تدفق الأيدي العاملة بقدر أكبر في خفض الفقر لو كانت سياسات الهجرة أكثر حيادية، وتسمح للعمال غير المهرة بالهجرة.
”بدون سياسات ترعى التقاليد المحلية فإن العولمة تقود فعلا إلى هيمنة الثقافة الأميركية، كما أن العولمة قد تضعف الحكم وتجعل بعض أدوات السياسة غير فعالة”التكامل الاقتصادي والسياسات العامة للدوليتأثر التكامل الاقتصادي بمجموعة من المؤسسات والسياسات المختلفة، فهو ليس نتيجة سياسة تجارية، وقد اتبعت دول مثل الصين والهند والمكسيك طرقا مختلفة في تحقيق التكامل لمواجهة القضايا المشتركة التي يتوجب مواجهتها، وتوفير تراتيب مؤسساتية وسياسات مختلفة، والقضيتان المهمتان اللتان لا بد من مواجهتهما هما المناخ الاستثماري والحماية الاجتماعية للعمال.
وتواجه بعض المؤسسات التجارية في الدول المنفتحة اقتصاديا منافسة أكبر، ولهذه المنافسة الكثير من الآثار الجيدة مثل خفض الأسعار والتكلفة وزيادة الجودة.
وتواجه الشركات في الدول النامية معوقات تمنعها من التنافس مع الشركات الأخرى مثل القواعد التنظيمية غير الفعالة والفساد وضعف البنية التحتية وضعف الخدمات المالية.
ومن أكثر الخاسرين بسبب العولمة هم العمال الذين يشتغلون في الصناعات المحمية، وكبار السن نسبيا الذين يواجهون صعوبات في التكيف مع التغيرات الاقتصادية.
وتحتاج المجتمعات والدول المتعولمة إلى أنظمة رعاية اجتماعية وضمان اجتماعي وتعليم لزيادة قدرة الفقراء وفئات المجتمع المختلفة على مواجهة المتطلبات الجديدة للأسواق وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.
السلطة والثقافة والبيئةأظهر استطلاع للرأي شمل 20 ألف شخص في 20 دولة قلقا متزايدا بين الناس من تأثير العولمة على الثقافة وحقوق الإنسان والبيئة والعدالة الاجتماعية.
وبدون سياسات ترعى التقاليد المحلية فإن العولمة تقود فعلا إلى هيمنة الثقافة الأميركية، كما أن العولمة قد تضعف الحكم، وتجعل بعض أدوات السياسة غير فعالة.
وثمة ادعاءات في بعض الدول النامية بأن بعض الشركات الأجنبية تلجأ إلى الضغط خلف الكواليس والرشوة للحصول على امتيازات معينة في مجال الاتصال والتعدين على سبيل المثال.
وتتسبب سبع دول صناعية في إطلاق أكثر من 70% من غاز ثاني أكسيد الكربون في العالم، والولايات المتحدة التي تشكل أقل من 4% من سكان العالم تطلق أكثر من 25% من الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، وهذا يحتاج إلى جهد عالمي لخفض إطلاق الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وكان بروتوكول كيوتو الذي رفضت الولايات المتحدة أن توقع عليه التزاما دوليا عالميا لمعالجة سخونة الأرض.
”هناك قلق عالمي من تزايد عدم المساواة وسخونة الأرض وضعف الحكومات والسيادة الوطنية وغياب سلطة منظمة سياسية مناسبة لمعالجة مشكلات قوى السوق العالمي”ما العمل؟تبدي الدول الفقيرة غير القادرة على الاندماج في الاقتصاد العالمي، والتي يعيش فيها حوالي ألفي مليون نسمة، قلقها من التهميش الاقتصادي ومن قدرتها على السيطرة على أراضيها.
فالفقر والاعتماد على تصدير المواد الأولية والتراجع الاقتصادي يغذي الصراعات المسلحة الداخلية، وغالبا ما تفتقر هذه الدول إلى الخدمات العامة، مما ينذر بتدهور الوضع الاجتماعي كما حدث في بعض الدول الأفريقية.
والدول النامية التي نجحت في اختراق الأسواق الصناعية تواجه أيضا تهديدا اجتماعيا وبيئيا يعرض الحكومات والمجتمعات المدنية فيها إلى مواجهة تحديات جديدة، كما أن حداثة نموها الاقتصادي ومشاركتها في الاقتصاد العالمي تجعلها قلقة من إغلاق الأسواق في وجهها، والخضوع لنزوات مستثمرين بعيدين، والقدرة على الدخول في المنافسة العالمية في أسواقها المحلية وفي الخارج أيضا.
والدول الغنية أيضا يقلقها من العولمة الإرهاب، والفروق الكبيرة المتنامية بين مواطنيها، وخسارة وظائف تصنيعية للدول متدنية الأجور.
وهناك قلق عالمي من تزايد عدم المساواة، وسخونة الأرض، وضعف الحكومات والسيادة الوطنية، وغياب سلطة منظمة سياسية مناسبة لمعالجة مشكلات قوى السوق العالمي.
والعمل برأي معدي التقرير هو أن يترك للدول حرية اتباع النهج المؤسساتي الذي تريد إجراءه في مجال المعايير البيئية، والرعاية الاجتماعية، والحفاظ على الثقافة، وتطوير مناخ استثماري يصاحب الانفتاح الاقتصادي يجعله مفيدا وعادلا، مثل مكافحة الفساد، والتشريعات والسياسات المشجعة على الاستثمار والتنافس والتي تمنع الاحتكار، والاستثمار في التعليم، وبناء مؤسسات ومرافق للصحة والضمان الاجتماعي والرعاية الاجتماعية.
ويجب على الدول الغنية زيادة مساعداتها للدول الفقيرة، وإدارة هذه المساعدات على نحو أفضل لتتمكن هذه الدول والمجتمعات من إجراء التغييرات المطلوبة للتكيف مع الاقتصاد العالمي ومواجهة التداعيات المرافقة لها، مثل فقد كثير من الوظائف، وزيادة تكاليف السلع والخدمات الأساسية، وتخفيف المعاناة الموجودة في بعض الدول بسبب الأمراض والأوبئة كالملاريا والإيدز، وتوفير الأدوية والمبتكرات الصحية لمن يمكن أن يستفيدوا منها.
وسيكون تخفيف عبء الدين نوعا من المساعدة، فالكثير من الدول الأفريقية على سبيل المثال ترزح تحت أعباء من الديون لا يمكنها احتمالها، وسيؤدي تخفيف أعباء الدين عن هذه الدول إلى زيادة قدرتها على خفض الفقر والمساهمة في الاقتصاد العالمي مع ضرورة دفع هذه الدول إلى تطبيق سياسات إصلاحية في الحكم والإدارة والتشريع والقضاء لتحسين المناخ الاستثماري والخدمات الاجتماعية فيها.
وقد يؤدي الانخفاض الكبير الذي حدث في تكاليف الاتصالات والمعلومات والنقل لجعل العولمة ذات مزايا وفرص للناس للتعاون ومواجهة مشكلاتهم وزيادة الوعي والرقابة العالمية على أنشطة وأداء الحكومات والشركات الكبرى وحماية البيئة والحقوق الأساسية وتحقيق العدالة والمساواة ورفع الظلم والاعتداء عن المستضعفين.
وقد أظهرت تقارير منظمة الأغذية والزراعة الدولية أن العولمة والتحرر الاقتصادي تزيد من التصحر والتلوث، وبخاصة من الأنشطة القائمة على قطع الأشجار كما يحدث على نطاق واسع في المناطق الاستوائية، والاعتداء على الأراضي الزراعية، ويمكن باتباع سياسات عادلة أن تضبط عمليات تصنيع وتجارة الأخشاب دون الإضرار باقتصاد البلدان القائمة عليها.
ثقافة العولمة لمواجهة عولمة الثقافة...
١ آذار (مارس) ٢٠٠٤بقلم نضال نجار
تُعتَبر تكنولوجيا المعلومات والاتصال من أهم قوى الدفع للعولمة الثقافية،فقد تقلَّصَ الزمان والمكان في تبادل المعلومات والعلاقات والمفاهيم والآراء والنظريات .. إلخ ما أدى إلى انصراف الناس عن الكتاب وبالتالي تضخم سوقه ما يعني اتساع الفجوة بين المواطن والثقافة المحلية من فنون وآداب ومعارض ومهرجانات .. ولاعجب بأن تُغلَقَ المراكز الثقافية فعلياً بعدما اختارتْ أن تعزلَ كيانها عن المجتمع المدني وحاجياته وتطوراته..
هذه المراكز(الثقافية) ولأنها لم تؤدي واجبها ومهامها بالالتزام بالثقافة كضرورةٍ وحاجةٍ لنمو المجتمع فقد أثبتتْ فشلها بل عجزها أمام تحديات العولمة الثقافية... وهذه المباني تحوَّلتْ إلى (مقاهٍ) لتبادل الأحاديث العامة وفي مقدمتها السياسية وارتشاف فناجين القهوة واستشراف الغيب بنفث دخان التبغ في الأجواء...
هكذا هو الحال الواقع ، ما أدى إلى صِدامٍ هائلٍ بين المثقف الحقيقي الذي يحملُ رسالة التنوير ونشر الوعي وبين دعاة الثقافة الذين يحملون همومهم الشخصية كحاجتهم إلى المال من أجل وقود الشتاء، ومؤونة الغذاء ، وذخيرةٍ لمعالجة البلاء.. وهلمَّ جراً... لكأن المراكز الثقافية قد أُوجِدَتْ لمناقشة تلك الخصوصيات بدل قضايا الثقافة التي انتحبتْ منذ أن تسنَّمَ عروش المناصب الثقافية رجالٌ لايربطهم بالثقافة أي رابط سوى مصلحتهم الشخصية..
لهذا ظهرت فئةٌ من الأوفياء لهؤلاء الرجال ( رعاة بل دعاة الثقافة) فراحت تتبادلُ وإياهم المصلحة أو المنفعة المشتركة، ما يعني إبعاد كل ما يُعكِّر صفوهم من الفئات الشابة التي عاهدت نفسها على الجهاد من أجل وفي سبيل الثقافة لضرورتها .. وتستمر الكوميديا الثقافية ، فيُوافق هؤلاء الدعاة على نشر أعمال أوفيائهم من خزينة الدولة ما يعني اختلاسٌ واضحٌ وصريح يتبنَّاه الطرفان الداعية الثقافي ومريده الوفي...
تلك الأعمال نراها على رفوف المكتبات وفي الشوارع ، ليس لأن الناس ابتعدوا عن القراءة بل لأنها هي العلة بمعنى أنها لا تحملُ مضموناً أو فكرةً ترقى إلى المستوى الفكري والثقافي الذي لدى الناشئة.. وهذا برأيي إرهابٌ ثقافيٌّ يُمارَسُ علناً من قبل تلك الجهات فهي تفرضُ ثقافةً قديمةً بالَ الدهر عليها بعد أن شربَ الزمان ، فالعالمُ في تطورٍ دائمٍ ومستمر بينما هذه الأعمال تعبر عن صورة أهل الكهف أولئكَ الذين يسمعون ويستمعون إلى الفكر المنفتِح لكنهم لا يفقهون شيئاً ، يتحدثون ويُحدِّثون أصحاب الفكر المنفتِح فيعجزون عن إيصال أفكارهم وآرائهم، يشاهدون الفجوة والواقع المرير لكنهم لا يرون الحقيقة كالفروق الشاسعة والواسعة بين فكرهم القديم الذي لا يتلائم والعصر الراهن والفكر الحديث الذي يُطالب بالثقافة والانفتاح على ثقافات الآخر وحضاراته..
ومن الطبيعي أن العاجز عن رؤية الحقيقة ـ العلَّة أو الاعتراف بها قطعاً عاجزٌ عن تشخيص الحالة وتقديم العلاج الناجع لها وهو ضرورة الانفتاح الثقافي بالمعنى الواسع للعبارة.. فالثقافة ينبغي أن تسود في كل مجالات الحياة ، في السياسة والاقتصاد والعلاقات العامة ووو...
إن اندماج بلدٍ ما( وخاصةً ذاك الذي يشكو من خمولٍ بل جمودٍ بل شللٍ ثقافي) في الثقافة العالمية يشكِّلُ نوعيةً وتوعيةً ثقافيةً ( وخلقناكم شعوباً وقبائلَ لتعارفوا) .. هذا الاندماج يعلِّم كيفية الارتقاء بآليات التأقلم الايجابي مع خطر العولمة وبالتالي كيفية الاسراع لردم الهوة من خلال التنافس الفكري سواء على الصعيد الفردي أو المجتمعاتي ككل..
ما يؤدي إلى تحقيق مكاسبَ عديدةٍ له أولها تعزيز ودعم وحماية خصوصيته الثقافية، ما يعني صموده أو بالأحرى تقدمه وتطوره لأن التطور يعني مقاومة الخطر أولاً وأخيراً..
نهايةً ليس بمقدور أي انسانٍ أن ينأى عن تأثير العولمة وإلاَّ بقيَ في عزلةٍ أبديةٍ من التهميش والتبعية ليس محلياً فقط بل عالمياً.. وعليه، فإ أي بلد عربي عليه إما التأقلم ( الايجابي) مع العولمة أو التعرض( السلبي) لتهديداتها ..
ثقافة العولمة ضرورةٌ لمواجهة عولمة الثقافة...

أنسنة العولمة
GMT 6:45:00 2009 الخميس 2 أبريل
نضال نعيسة
أضحت العولمة الـ Globalization، اليوم، حقيقة واقعة لا يمكن إنكارها، أو تجاهلها، بحال. وما هذا التقارب وسقوط الحواجز بين الثقافات والشعوب، والتأثر، والتأثير المتبادل بين كافة المفاصل السياسية والاقتصادية والاجتماعية في عموم الكوكب الأرضي، إلا تأكيد على هذه الحقيقة الماثلة والفاقعة التي قد تروق، وتريح البعض، ولكنها قد لا تروق، ولا تريح البعض الآخر. ولذا فقد بات السؤال المنطقي هو ليس كيف نوقف هذه العولمة، بل كيف سنسلم بوجودها، وبالتالي سنتعامل معها، وما هي الأدوات والسبل لذلك؟ فهي تتقدم باضطراد مثير، فارضة نفسها على كافة التفاصيل والجزئيات الحياتية، غير آبهة بكافة صيحات الاحتجاج والاستنكار الصاعدة من هنا وهناك، محمولة على روافع قوية وثابتة وضاربة كثورة التكنولوجيا والمعلومات وانفتاح الفضاءات على مصاريعها أمام حرية وتنقل وتدفق تلك المعلومات. والأزمة الاقتصادية العالمية التي يعيشها العالم اليوم، والتي أظهرت الجانب المرعب والمنفلت للعولمة، وما بدا من وجه رأسمالي بشع، شرس، ومتوحش لها، أفقر أمما وشعوباً ورمى بالملايين في هاويات البؤس والتشرد والإفلاس، وزاد من حدة البطالة، ورفع من أرقامها، وضرب معدلات النمو والازدهار، وأخلّ بالأنظمة المصرفية الـ Banking Systems وعرضها للانهيار مع البورصات ومؤشرات الأسواق، كما حصل مع مجموعات بنكية شهيرة جراء عمليات مجنونة لسحب ودائع بالجملة Mass Deposits Drawing، كما شفطت "الآليات الخفية" للرأسمالية النيوليبرالية المتوحشة المليارات التي تبخرت وطارت في الهواء،( يذكر في هذا الصدد كيف سطا برنارد مادوف مدير ناسداك على خمسين مليار في عملية نصب واحدة)، ووقعت دول وشركات كبرى ومؤسسات عالمية وبنوك متعددة الجنسيات تحت وطأة المديونية والإفلاس وعمليات احتيال، وفقد الملايين الأمل في حياة كريمة وخسروا وظائفهم وأعمالهم وتشرّدوا مع أسرهم في العراء، (أوردت وكالات الأنباء والتلفزة صوراً مؤثرة ومعبـّرة، لأميركيين اضطروا للسكن في الخيام لعجزهم عن الإيفاء بمتطلبات سكن كريم بعد أزمة الرهن العقاري الشهيرة التي نجمت عن"متوالية" الدَّين الافتراضية التي كانت الشرارة الأولى وراء اندلاع الأزمة الحالية، وتقف وراء ما تشهده معظم دول العالم والاقتصاد العالمي من حالة ركود Recession، يعتقد كثيرون بأنها الأسوأ بعد أزمة الكساد العالمي الكبرى في ثلاثينات القرن الماضي الـ Great Recession، ولذاك فإنه لا بد من إعادة نظر ودراسة جادة لبنية هذه الظاهرة التي هي حتمية عصرية وإنسانية ولا يمكن التعامي عن وجودها، غير أنها تنطوي على مخاطر جمة إن لم يتم ضبطها. وفي شقها السياسي أظهرت أنها، أيضاً، ذات بعد وصائي وعدواني انتقائي شرس، لا يقل عن بعدها الاقتصادي، يستهدف دولاً بعينها، عبر التدخل بشؤونها، والتحكم بمقدراتها وثرواتها، واللعب بمصائرها، ومستقبلها، وأمنها وتعريض سيادتها للخطر، وكياناتها الوحدوية للزوال. ومع قمة العشرين التي تعقد في لندن،( هذه القمة هي محض فعل عولمي بحد ذاته)، لمناقشة ذيول وعواقب الأزمة الاقتصادية العالمية، واستنباط أنجع السبل لإنقاذ العالم من مغامرات النيوليبرالية المتوحشة وتداعياتها والتقليل من آثارها السلبية الكارثية، فقد كانت هناك فعاليات احتجاجية على هامشها لنشطاء ولسياسيين ولأفراد عاديين وهيئات اعتبارية أخرى من مناهضي العولمة في قلب العاصمة البريطانية لندن، تعبيراً عن رفضهم لهذا الجانب السيء الرأسمالي المتوحش للعولمة، والذي يعتبر "ألترا ليبرالي"، وما فوق نيوليبرالي، وهو الذي أفضى لهذه الكارثة. وأحد تعريفات النيوليبرالية هي تقديس رأس المال والملكيات الخاصة وحمايتها والتحرير الاقتصادي الكامل غير الخاضع لأية قيود وضوابط والحرية المطلقة لحركة الرساميل والأعمال، ورهن الاقتصادات الوطنية بيد مجموعات وهيئات وأفراد تتداخل، بكل تأكيد، مع مؤسسات أخرى متعددة الجنسية ذات انتماءات عابرة للحدود الوطنية. لا مفر من العولمة والتعولم، ولا مناص من الاعتراف، بنفس الوقت، بوجود وجوه مشرقة وطيبة لها، يمكن استثمارها في رقي ورفعة وازدهار بني الإنسان. فلا يمكن بحال، ومع هذه الفورة العولمية الدافقة، وقف تقدمها، أو إعادة عقاربها إلى الوراء إلى الأزمنة الغابرة أيام الغيتوهات والانغلاق على الذات والانفعال وعدم التفاعل الخلاق. لكن المطلوب وهذه الحال، هو أنسنة هذه العولمة Humanizing Globalization، على الأقل، أي جعلها إنسانية وفي خدمة الإنسان، لا في تدميره وأذيته، ومحاولة نزع أنيابها القاتلة، وضبطها، وكبح جماحها، وقوننتها وتوظيف مكتسباتها ووجوهها المشرقة، والخيّرة في خدمة الإنسانية ونعيمها وازدهارها ورفاهها، وذلك عبر استنباط الآليات والأدوات والتشريعات والسبل التي تكفل تفعيل الجوانب المشرقة منها، وعدم تكرار ما حدث في الأمس القريب من كوارث ومآس اقتصادية، وهذا ما يؤمل من مؤتمر لندن.
دوائر العولمة :
هل للعولمة جانبٌ واحد، هو الجانب السلبي الذي ينعكس في الآثار السيئة والمضار والمخاطر التي تهدد استقرار المجتمعات الإنسانية، أم أن لها جوانب متعددة، منها السلبي، ومنها الإيجابي؟.
نعتقد أن هذا السؤال يصحُّ أن نتخذه مدخلاً إلى فهمٍ أعمق للعولمة، على المستويات كافة، وبصورة خاصة على المستوى الثقافي، وإلى استيعابٍ أشمل لمضامينها.
والحق أن ما من نظامٍ أو منهج، أو فكرةٍ سياسيةٍ واجتماعية تتصل بحياة البشر، إلا ولها وجوه متعددة، على اعتبار أن الفكر الإنساني هو ذو منزع مزدوج من الخير والشر، وهما العنصران الكامنان في الضمير الإنساني. وعلى هذا الأساس، فإننا نرى أن للعولمة دوائر تتحرك فيها، وهي بذلك ليست دائرةً واحدةً منحصرة في حدود معلومة. وللإرادة الإنسانية تأثيرٌ في تحديد هذه الدوائر ورسم معالمها وضبط مساراتها.
وعلى الرغم من وضوح هذه الفكرة، فإن التركيز على الجانب الإقتصادي والسياسي للعولمة، جعلها تغيب في أحايين كثيرة، عن الأذهان، لدرجة أنّ معظم المفكرين في العالم، ومنهم طائفة من المفكرين في العالم الإسلامي، يغفلون عن الجوانب الأخرى للعولمة، وينزعون نحو إدانة العولمة جملةً وتفصيلاً، الأمر الذي تضيع معه عناصر كثيرة من الحقيقة، بحيث يقع الخلط بين الحق والباطل، وبين الواقع والمثال.
إنَّ رفضنا العولمة وتنديدنا المتكرّر عاليَ الصوت، بآثارها السلبية، وتركيزنا على نقض أسسها ودحض ادعاءات المروّجين لها، كل ذلك لن يؤثر في طبيعة الوضع الناجم عن هيمنة النظام العالمي الذي يفرض العولمة على العالم، ولن يكون لموقفنا هذا، أي تأثير إيجابي على العولمة، من حيث هي فكرة ومنهج وأسلوب ونظام وتيار عارم جارف يكتسح الحواجز ويدكّ المواقع.
ولذلك، فإننا ندعو إلى أن نلتمس للعولمة جوانبَ إيجابية، ونعمل ما وسعنا العمل، لتوظيف إيجابيات العولمة فيما ينفعنا في حياتنا العامة.
إن المسألة في حاجة شديدة إلى ضبطٍ منهجيٍّ نتحكَّم به في العولمة بأعلى ما نستطيع من قدرات. وبذلك نسلك طريقنا إلى الاِستفادة من العولمة على النحو الذي يدفعنا إلى الإسهام في الحضارة الإنسانية الجديدة، من موقعنا الثقافي المتميّز وبخلفيتنا التارخية وبهويتنا الحضارية المتفردة.
إن هذا الموقف الإيجابيّ إزاء العولمة يتطلب منا أن ننخرط في المعترك الثقافي العالمي، وأن ندفع بمجتمعاتنا في اتجاه التفاعل المتحرّك مع المتغيّرات المتسارعة، حتى نفهم ما يجري حولنا، ونستوعب التحوّلات الكبرى التي تعيشها الإنسانية في هذا العصر، ولئلا نبقى قاعدينَ نندب حظوظنا، وعاجزينَ نتفرّج على العالم يتطور ويتقدم.
إن الهزيمة النفسية أمام العولمة تأتي من اعتبار ظاهرة العولمة حتميةً. وهذا أمرٌ مبالغٌ فيه، وهو لا يعبّر عن حقيقة هذه الظاهرة، لأن اعتبار ظاهرة العولمة حتميةً، قد لا يكون في الحقيقة أكثر من اعتراف المرء بأنه لم يعد لديه طاقة باقية للمقاومة، أي أنه قد نفد جهده، وأصبح مستعداً للتسليم. فإذا كان هذا هو اختيار بعضهم، فهو ليس مُلزماً لغيرهم، ومن الظلم على أي حال، أن يوصف بالحتمية اختيارٌ لا يعكس إلا نفاد الطاقة أو استعجال المكافأة. وهو موقفٌ ظالم، لأنه يحمّل عدة أجيال قادمة عبءَ فشل جيلٍ بعينه، فاعتبار ظاهرة ما حتميةً، يتوقف أيضاً على المدى الزمني الذي يأخذه المرء في اعتباره ((5
إن حقائق الأشياء تؤكد أن العولمة لا تمثّل خطراً كاسحاً ومدمراً، إلا على الشعوب والأمم التي تفتقر إلى ثوابت ثقافية، أما تلك التي تمتلك رصيداً ثقافياً وحضارياً غنياً، فإنها قادرة على الاِحتفاظ بخصوصياتها والنجاة من مخاطر العولمة وتجاوز سلبياتها.
ومن الأساليب التي يستخدمها مهندسو العولمة ومروّجوها، تنميةُ الشعور بالهزيمة والاِستعداد للاستسلام أمام ما يريدون فرضه على الشعوب والحكومات، من خلال إضعاف الإحساس بالذاتية، وبالتميّز، وبالاِعتزاز بكل ما يمتُّ إلى التراث الحضاري والرصيد الثقافي، بصلة.
ومن هنا نجد أن الرفض العالمي للعولمة يَتَنَامى باطّراد، وإن كان لا يملك أن يؤثر في صدّ هجمات العولمة على أمم الأرض وشعوبها، على الأقل في المدى المنظور، لأننا نعتقد جازمين، أن كل نظام ظالم للإنسان، أو عقيدة قاهرة للفطرة، أو منهج يفرض الهيمنة على الإرادة الإنسانية ويتحكّم في أشواق النفس البشرية الروحية وتطلعاتها الثقافية وطموحها الحضاري، هو إلى انهيار وزوال، لأنه يصادم سنة اللَّه في خلقه، ويَتَنَافَى مع فطرة اللَّه التي فطر الناس عليها.
وأمام عنفوان العولمة وضغوطها القوية، لا ينبغي أن نستسلم ونذعن لإرادة الأقوياء المتحكمين في أَزِمَّة الأمور في ظل النظام العالمي الجديد. ولا يتعارض هذا الموقف المطلوب منا اتخاذُه، مع ما ذكرناه آنفاً.
إن الخطأ المنهجي الذي يقع فيه طائفة من المفكرين من العالم العربي الإسلامي الذين بحثوا ظاهرة العولمة، يكمن أساساً في أنهم بدلاً من أن يرسموا الخريطة الجديدة التي يتعيّن على المجتمعات العربية الإسلامية فهمها والعمل في حدودها، ويُضيئوا أمام أصحاب القرار والنخب المثقفة والمفكرة، المصابيح لتسلّط على الحقائق كما هي، لا كما نتوهمها أو نتخيلها، راحوا يُسهبون إسهاباً مفرطاً، في تعداد مساوئ العولمة وأضرارها والمخاطر التي تتسبَّب فيها، فكانوا بصنيعهم هذا، يقومون بشقٍّ من الواجب، ولا ينهضون بمسؤوليتهم كاملة.
إن أحداً منا لا يجادل في أن ثمة شواهد كثيرة تشير إلى أن قوى العولمة المعاصرة ليست سوى امتداد عضوي وإيديولوجي لقوى الاِستغلال والسيطرة والاِحتواء وتعمل على تكريس التبعية من جانب الدول الأقل نموّاً لتلك الأكثر نموّاً، وإن كانت آليات تكريس التبعية قد اختلفت في ظل العولمة، من الاِستعمار التقليدي، إلى اللجوء لسياسة الضغط الاِقتصادي (6). فهذه حقيقة لا سبيل إلى إنكارها. ولكن هل تقف مسؤوليتنا عند هذا الحد، وهو الجهر بهذه الحقيقة، أم أن المسؤولية تمتدُّ وتتشعب وتَتَوَاصَلُ؟.
إن المنهج في بحث ظاهرة العولمة، هو إلى الوصف التحليلي والنقد السياسي من منطلق إيديولوجي، أقرب منه إلى المعالجة العلمية المستنيرة المبرأة من كل هوى سياسيٍّ أو إيديولوجيّ. ولذلك كان من السلبيات التي وقع فيها معظم من عالج قضية العولمة من خلال هذا المنهج، العزوفُ عن الموضوعية المجردة تحت تأثير الفكر الشمولي الذي كان يسود في عهود القُطْبَين الأكبرين في زمن الحرب الباردة.

السبت، 4 أبريل 2009

العولمة

العولمة من حيت اللغة
هي جعل الشيء عالمياً، بما يعني ذلك من جعل العالم كلِّه وكأنه في منظومة واحدة متكاملة. وبصيغة اخرى اتخاد الشيء طابع العالمية.
في اللغة الفرنسية هي
Mondialisation
GLOBALIZATION في الإنجليزية والألمانية
العولمة في الاصطلاح
الاِتجاه نحو السيطرة على العالم وجعله في نسق واحد وهي بصيغة اخرى هي الانتقال من التفكير على مستوى الدولة القومية الى التفكير على مستوى عالمي اوسع لماذا لان هناك ضواهر لا يمكن ان نجد لها حلا ما دمنا منحصرين في التفكير على مستوى الدولة القومية مثلا
القضاء على الامراض والجراثيم
القضاء على الارهاب و الجريمة المنظمة
تنظيم النسل و الحد من انتشار السلاح النووي
……………
وهي بهذا التعريف العولمة هي انتقال الامراض والتكنولوجيا وكل ما يدور في العالم
فمثلا عندما يقع حدثا في العالم فان الكل في علم بهدا الحدث
وتبقى عدة أسئلة مطروحة حول العولمة ولعل من اهمــــــــها
هل العولمة خطـــــــــــــــــــــــــــر
هل العولمة شر كلـــــــــــــــــــــــــها
هل العولمة حرب الكلمـــــــــــــــــــــات
هل العولمة هي العالميـــــــــــــــــــــــــــة
هل العولمة هي التقــــــــــــــــــــــــــــدم
ما هي أبعاد هذه العولمـــــــــــــــــــــــــــــة
ما هي سلبيات هده العولمــــــــــــــــــــــــــــة
ما هي ايجابيات العولمـــــــــــــــــــــــــــــة
هل العولمة سلاح الدول المتقدمة للدول المتخلفـــــــــــــــــة
هل ما يقع في العالم هو نتيجة العولمــــــــــــــــــــــة
هل العولمة هي الأمركـــــــــــــــــــــــــــــة
هل العولمة قديمة أم جديــــــــــــــــــــــــــــدة
ما هي مرتكزات العولمـــــــــــــــــــــــــــــة
هل العولمة أن يكون شعب واحد في العالــــــــــــــــــــم
هل للعولمة نهايــــــــــــــــــــــــــــــــة
ما هي سمات العولمــــــــــــــــــــــــــــــة
هل هناك علاقة بين الشركات المتعددة الجنسية والعولمـــــــــــــة
هل هناك علاقة بين الرأسمالية والعولمـــــــــــــــــــــة
??????

العولمة والتربية

مقدمة:

إن القرن الحادي والعشرين هو قرن العولمة .... هو قرن هيمنة العولمة على مسار البشرية... فالعولمة هي \"فيروس أيديولوجي\" حيث يغزو العقول. انه \"شعار العصر\" وأداة الحضارة المعرفية الجديدة في نشر أفكارها وقيمها. وهكذا فان حتمية العولمة تفرض على الناس نمطاً جديداً من التفكير ونمطاً جديداً من التعايش معها، ونمطاً جديداً من الإنتاج للاستفادة منها.

العولمة هي نظام عالمي جديد له أدواته ووسائله وعناصره، وميكانيته.... هكذا اخترقت العالم من خلال وسائل مختلفة: القنوات الفضائية والإلكترونيات والحواسيب والانترنيت ووسائل الاتصال الجديدة والعلوم الفيزيائية والجينية والبيئية والطبيعية والاجتماعية....

أمام هذا الطرح، أركز تفكيري في هذا البحث حول العولمة والتربية دون الخوض في المؤثرات الكثيرة لجميع أبعاد الحياة الإنسانية السياسية والاقتصادية وغيرها... سنناقش مفهوم العولمة والتربية، التحديات التي تواجه كليهما، وما مقدار تأثير العولمة الجديدة على التربية، واخيراً نظرة إلى المستقبل إزاء هذا التغير وهذه الثورة \"العولمية\".

تعريف التربية :

عند الحديث عن التربية نجد انه من الصعب علينا إعطاء تعريف محدد وشامل لها، فهنالك العديد من هذه التعريفات التي تختلف باختلاف الفلسفة أو النظرة للتربية، وان كان لا بُدَّ لنا في هذه الدراسة من إعطاء تعريف فانه من يمكن أن نقدم بعض الومضات التي تشير إليها وهي:

أن التربية عملية تكيف، أو تفاعل بين الفرد وبيئته التي يعيش فيها، وعملية التكيف، او التفاعل هذه تعني تكيف مع البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية ومظاهرها، وهي عملية طويلة الامد ولا نهاية لها الا بانتهاء الحياة.

فالتربية هي أداة التغير في أي مجتمع، فإذا كان العالم الآن يبحث عن العالم الواحد، فقد أصبح لزاماً علينا البحث عن الدور الذي ستؤديه التربية في هذا العالم الواحد.

هدف التربية :

تهدف التربية إلى تحقيق الإنسان لذاته والاهتمام بالفروق الفردية التي تميز شخصاً عن آخر بما يحصله من مكاسب فكرية وعملية. والاهم في التربية هو إيجاد المواطن الصالح، وذلك بالتكيف الجيد في البيئة والمجتمع المحيط .

تهدف التربية إلى تربية الإنسان من الناحية العقلية والخلقية والجسدية والعاطفية والإنسانية. وذلك بالارتباط مع العديد من العوامل والروابط المحيطة (اجتماعية وقومية ووطنية ودينية واقتصادية وسياسية وعلمية وتقنية.... وهكذا يتم إعداد الفرد للحياة الفعالة في المجتمع، ولحياة أسرية مع الآخرين بنجاح.

وظيفة التربية :

نقل الأنماط السلوكية للفرد من المجتمع. نقل التراث الثقافي من الأجيال السابقة للأجيال اللاحقة. تغيير التراث الثقافي وتعديل في مكوناته. إكساب الفرد خبرات اجتماعية نابعة من قيم ومعتقدات ونظم وعادات وتقاليد وسلوك الجماعة التي يعيش فيها. تنوير الأفكار بالمعلومات الحديثة.

الأسس التربوية الحقيقية :

يقول هارون الرشيد :\"الجواب ما ترى لا ما تسمع\". من هنا نذكر الثوابت الروحية والأخلاقية والحضارية ومتطلبات المصالح المستقبلية.
· آليات التحديث المعاصر وتجاربه النهضوية التربوية والعلمية والفكرية والنقدية ووسائله التكنولوجية المتطورة ومعارفه وتراثه العالمي.
· الاستجابة للتحديات المستقبلية والأساليب الذكية من اجل التعامل والاستفادة من العولمة الجديدة.

التجديدات التربوية :

من أهم السمات الجديدة التي ظهرت في العصر الحديث وأدت إلى التغيرات السريعة في كافة مجالات الحياة، مثل: التفجير المعرفي، ظهور التكنولوجيا الحديثة، سهولة الانتقال والاتصال، التطورات المختلفة لجميع مجالات الحياة.... وعليه لا بدَّ من: تجديدات في السياسة التربوية ، تجديدات في الإدارة التربوية، تجديدات في البنى التعليمية، تجديدات في المناهج وطرق التدريس، تجديدات في الوسائل التعليمية، تجديدات في التعليم المستمر.....
أليس هذه \"عولمة حقيقية\" مستندين إلى أسس ومرتكزات من القرن الماضي للنظر إلى المستقبل ولفهم العولمة الجديدة وذلك من خلال:

· النظر إلى الواقع الذي يعيشه المجتمع.... بكل ما يتصف به ذلك من مزايا ورزايا.... أحاديات وثنائيات.... توافقات وتناقضات...
· التفكير الذي يطغى على أذهان الشعب سواء على مستوى القيادات أم النخب أم الفئات أم الجماهير...
· المصير الذي سيحيق بها من خلال التحديات الصعبة التي ستفرضها العولمة الجديدة وسياقاتها في القرن الحادي والعشرين.
· قبول الحضارة : لا تستطيع حضارة أن تبقى منعزلة في إحدى زوايا الأرض. فقد حان الوقت لكل حضارة أن تدافع عن نفسها وان تتعلم من غيرها من الحضارات وان تكون دينامية سريعة التطور والنمو وإلا فلا مكان لها لمنافسة ومضاهاة غيرها من الحضارات.

التحديات التي تواجه التربية :

من أهم التحديات التي تواجه التربية ما يلي:
· تطلعات القرن الحادي والعشرين للتربية حيث يكون من أهم مخرجاتها بناء الإنسان الحر وتحقيق نضج الفرد المتعلم في مختلف مستوياته العقلية والجسمية والاجتماعية والانفعالية والروحية. حيث يتم بناء الإنسان المؤمن الواعي القادر على البناء والعطاء ضمن إطار من وضوح الرؤيا وتحقيق الهدف المرجو ضمن المسؤولية.

· الاعتراف بالواقع المعاصر، وهو هزال في بناء الثقافة العامة والمكتسبات المعرفية وتخلخل الإبداعات وعدم رعاية الكفاءات في العلوم والآداب والفنون والاضطراب في الرؤية الاجتماعية في النظر إلى التخصصات العلمية والأدبية. مما يؤدي إلى الخلل والاضطراب التي تتصف به الأجهزة التربوية والمؤسسات التعليمية التي تعد من أبرز الدعامات والمرتكزات القوية في البناء الثقافي والمؤسسات المعرفية...

· تحدي الانفتاح: إن تطور سبل الاتصال والتواصل جعلت الانفتاح أمراً حتميا لا بد من التعامل معه. فالانفتاح يساعد على العمل الجماعي والتنسيق وزيادة الوعي ونقل التكنولوجيا بصورة افضل وسهولة أكبر...

· تحدي تجاوز أمراض البيروقراطية: من خلال الإبداع والسعي الذاتي نحو الإنجاز والإبداع والتطور الذاتي والجماعي...

· تحدي المأسسة: من خلال وضع مخطط تربوي جديد مستند إلى الماضي لبناء مستقبل النظام التربوي لبناء إنسان القرن الحادي والعشرين.

· تحديات الإدارة التعليمة: توافر بيئة تربوية معلمة، توافر محتوى ومضمون أكاديمي وثقافي، توافر مربين متميزين يعيشون بين الطلبة، تنمية إحساس الطلبة بالغيرية والآخرية، تحديات التربية الموازية والإدارة التعليمية...
· تحديات تربوية واسرية: كيفية تربية الأبناء في هذا المجتمع الجديد بعولمته الجديدة. يعيش الإنسان تحديات معاصرة قد تزول أمامها شخصيته، أهمها كيفية التربية والتعامل مع الأبناء الذين يواجهون هذا العالم بتغيراته الكثيرة.

· تحديات تواجه المثقف العربي ، ناشئة عن الأزمة الكلية للأمة العربية، في مجالات السياسة والفكر والمجتمع، نذكر منها: وجود نظم تربوية متناقضة، حسب أيدلوجيات الفكر السياسي المطبق في كل دولة وفي كل قطر. وبالتالي عدم وجود تربية سياسية واضحة ومتفق عليها للإنسان العربي. كما نذكر آثار الغزو الفكري والثقافي، والفراغ الفكري. ارتفاع نسبة الأمية في المجتمع. أزمة المعلم ومهنة التعليم.

· \"إن من أكبر التحديات التي تواجه مسؤولي وقادة النظم التربوية في القرن الحادي والعشرين تأكيد وتعميق مفاهيم التقارب والتضامن بين الأفراد والجماعات والشعوب وتمكينهم من امتلاك منظر عالمي وبلورة مهارات فاعلة تمكنهم من استشراف المستقبل وتبصر بدائل إدارة شؤونه\"

تعريف العولمة Globalization:

· تسمى العولمة Globalization، وتعني لغوياً تعميم الشيء أو المفهوم أو القيمة أو السلعة أو الموقف وتوسيع دائرته ودائرة تأثيره لتشمل كل الكرة الأرضية على اعتبار إن Globe هي الكرة.
· قال برهان غليون \"العولمة هي ديناميكية جديدة تبرز داخل العلاقات الدولية من خلال تحقيق درجة عالية من الكثافة والسرعة في عملية انتشار المعلومات والمكتسبات التقنية والعملية للحضارة يتزايد فيها دور العامل الخارجي في تحديد مصير الأطراف الوطنية المكونة لهذه الدائرة المندمجة وبالتالي لهوامشها أيضا\".
· أما احمد أبو زيد ، فقد عرفها بقوله: إن العولمة تعمل على توحيد الأفكار والقيم وأنماط السلوك وأساليب التفكير بين مختلف شعوب العالم كوسيلة لتوفير مساحة واسعة من الفهم المتبادل والتقريب بين البشر واقرار السلام العالمي.

ومن هذه التعريفات، يمكن تلخيص العولمة في كلمتين: كثافة انتقال المعلومات وسرعتها إلى درجة أصبحنا نشعر بأننا موجودين في قرية كونية Global Village ، فان ما يحصل في بقعة ينتشر خبره في البقعة المجاورة وكل ما يحدث في جزء يظهر أثره في الجزء الآخر .

أهداف العولمة:

لفهم أهداف العولمة ومرامها نرى هناك وجهين الأبيض المشرق والأسود المظلم، وهنا لابد أن نرى سلبيات وايجابيات هذه العولمة الجديدة؟

1. سلبيات العولمة:

أثار الكتاب والمفكرون المصطلح الآخر للعولمة وهو (ألأمركة) وذلك استناداً إلى تصريحات وسياسات وخطط أمريكية في العالم. أوضح يوماً أحد فلاسفة الغرب المعاصرين محذراً من العولمة قائلاً: \"إذا كانت البراءة تظهر في عموميات العولمة فان الشياطين تختبئ في تفاصيلها\". نذكر منها:

· حديث الرئيس جورج بوش 24/1/1990 حيث قال: إن القرن العشرين أمريكي ويجب أن يكون القرن الحادي والعشرين أمريكيا أيضاً.
· حديث بريجنيسيك 10/8/1990 حيث قال: ليست هناك سوى قوة عظمى واحدة في العالم، هي الولايات المتحدة الأمريكية وهذه القوة العظمى يجب أن تكون مطلقة وشاملة، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. فنحن القوة الوحيدة على جميع الصعد.
· في كتابه (توازن الغد) يرى روبرت شتراوس: إن المهمة الأساسية لأمريكا تتمثل في توحيد الكرة الأرضية تحت قيادتها، واستمرار هيمنة الثقافة الغربية، وهذه المهمة لا بد من إنجازها بسرعة في مواجهة آسيا، وأي قوى أخرى لا تنتمي للحضارة الغربية. إن مهمة الشعب الأمريكي القضاء على الدول القومية.
· قال فرانسوا بايروا، وزير التربية والتعليم العالي الفرنسي: \" إن هدف العولمة هو تدمير الهويات القومية والثقافة القومية للشعوب\" .
· قال الرئيس العراقي صدام حسين: \"هدف العولمة هو إلغاء النسيج الحضاري والاجتماعي للشعوب\" (العراق، 25/3/1997). ومن هنا القضاء على الهوية الثقافية والقومية وعلى تراث الأمم والشعوب الفكرية والحضارية) .
· ألقى الأستاذ حسني عايش محاضرة في النادي الأرثوذكسي في عمان، غنية مليئة بالكنوز والمعاني التي نراها هامة للتأثير على العولمة من خلال التأثير على التحولات الاجتماعية في الإنسانية. كان عنوان المحاضرة \"الخشية أن يتحول الإنسان إلى آلة أو العكس\"، نذكر النقاط الرئيسة لهذه التحولات الاجتماعية الواقعة، والإشكاليات والمشكلات الناجمة عنها: الانتقال من سحر الطبيعة إلى سحر التكنولوجيا، الانتقال من أسرة ممتدة إلى أسرة نووية (ذرية) فأسرة مخترقة، فأسرة طاردة أو نابذة، الانتقال من انحراف اجتماعي إلى إفراز تكنولوجي، ومن عالم ثابت ومعقول إلى عالم هارب ومجنون ومن المناعة الذاتية أو الطبيعية إلى المناعة الطبية، ومن حضارات زراعية إلى حضارة تكنولوجية- معرفية....

· الآثار السلبية من الناحية الأخلاقية والتربوية: استشهد بقراءة سريعة في جريدة الرأي ليوم الأحد 25/2/2001 حيث قرأت \"بعد أيام يبدأ العمل ليولد أول طفل مستنسخ مع نهاية العام\" ويضيف بأنه تمت تكلفة العملية نصف مليون دولار والتعاقد مع 20 امرأة للتبرع بالبويضات، و50 أخريات ليكن أمهات بديلات.... فأين الأخلاق والتربية أن ابتعدنا عن الأسس التربوية والدينية؟ وما هذه العولمة التكنولوجية الجديدة؟

· أشار الدكتور حربي عريقات في مقال له \"العرب وتحديات ظاهرة العولمة\" حيث ذكر أهم الآثار السلبية لظاهرة العولمة التي ستعاني منها الدول النامية وهي: ازدياد معدلات البطالة، انخفاض الأجور، تدهور مستوى المعيشة، اتساع الهوة بين الفقراء والأغنياء ، تقليص دور الدولة في مجال الخدمات كالصحة والتعليم والإسكان والبنية التحتية الأخرى.

2. إيجابيات العولمة:

عند إثارة هذه المشكلات والتحولات الاجتماعية لا يعني ذلك غياب التطور التكنولوجي الإيجابي. إن له إيجابيات كثيرة لا مجال لذكرها، فالتكنولوجيا، مثلاً تحول الصحراء إلى واحة، في الوقت الذي تستطيع فيه أن تحوّل الواحة إلى صحراء.

وفي مجال التكنولوجيا والتطور في النطاق التربوي، علينا أن لا ننسى توجهات جلالة الملك عبد الله الثاني للاستفادة من العولمة بمفهومها التكنولوجي حيث ركز جلالته على استخدام التكنولوجيا ونشر الكمبيوتر في كافة المدارس وذلك لأنه سيساهم في تحسين الأداء التربوي لدى الطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية ويطور مفهوم عملية التعليم والتعلم. كذلك ركز جلالته على تعليم اللغة الإنجليزية في المدارس وهذا يدل على انفتاح على العالم وعدم التقوقع على الذات وتوسيع الآفاق التربوية والثقافية، فاللغة مناسبة للتعامل مع التكنولوجيا والتطور....

لكن هذه الإشكاليات والتحولات الإيجابية والسلبية تضعنا أمام التساؤل والسؤال. ما التقدم؟ وأين نحن من العولمة وتأثيراته الاجتماعية علينا وفي مجتمعنا؟ وكما يقول بعض المفكرين: نحن أمام خطين وهما: خط كان يخشى أن يتحول الإنسان إلى ما يشبه الآلة وخط آخر صار يخشى إن تتحول الآلة إلى ما يشبه الإنسان.

العرب والعولمة:

إن العولمة بالنسبة لنا، واقع معقد ومتناقض يختلط فيه الماضي العريق بالحاضر المتوتر وتتداخل فيه المشاعر القومية بالمشاعر الدينية وعناصر المادة بعناصر الروح، والولاءات القطرية بالولاءات القومية، ولا تتطابق فيه حدود السياسة مع حدود الأمة، ولا تستقيم فيه وفرة السكان مع ندرة الموارد ولا وفرة الموارد مع ندرة السكان.... فما مستقبل الأمة العربية في القرن الحالي؟

قبل بروز العولمة برزت مدرسة البحث عن المستقبليات: بعضها يقوم على رسم المشاهد أو السيناريوهات المستقبلية المتوقعة اعتماداً على الوقائع الراهنة دون تدخل أحد وبعضها يقوم على دراسة قدراتنا على التأثير في هذه السيناريوهات أي قدرة تطلعات الحاضر على رسم المستقبل، أي التدخل فيما سيأتي، والعولمة بكل ما تملك من طاقات الفعل والتأثير تحاول التأثير في مستقبل الكرة الأرضية. وهل نحن قادرون على صناعة مستقبلنا بغض النظر عن تأثير أرباب العقل في العالم؟

ولفهم واقع العولمة وتأثيرها علينا في العصر الحاضر وخصوصاً من الناحية التربوية، لا بد ّمن إدراك التحديات والعراقيل التي تواجهنا، ومنها :

· الابتعاد عن التعصب والتمذهب والطائفية، لأننا نملك شريان حضاري وثقافي مركزي لا بد إن تتمثل فيه التعددية والشفافية والانفتاح المعاصر.

· تنمية التفكير بوسائل تربوية متطورة تتلاقى مع روح العلم والتفكير النقدي وحرية الرأي. والتحرر من رواسب الماضي العقيم والحفاظ على ثرواته الحضارية والدينية والثقافية...
· الحاجة إلى تفكير جديد يعمل على إنتاج تاريخ جديد وتشريع جديد وتعليم جديد ومنهج جديد ... وذلك من خلال تشكيل بنى اجتماعية موحدة ومتحضرة لها القدرة على الحركة والتفاعل مع الآخرين على اختلاف مذاهبهم....

· وضع سياسات وطنية راسخة وليس شعارات وهمية خاوية تجاه الغزو بأنواعه المختلفة: الثقافية والأخلاقية....

· التفاعل بين التراث القومي والحاجات المعاصرة. والانفتاح إلى الأنظمة التربوية العالمية بطريقة هادئة وعلمية وواعية وناضجة.

· تولي السياسات التربوية المعاصرة مبدأ الثقافة الحاسوبية الاجتماعية بحيث تكون متماشية مع ثقافة حاسوبية تعليمية شاملة متكاملة.

· زرع انفتاحات داخلية واسعة الجوانب بين مختلف الاتجاهات تمارس فيها الديمقراطية الحقيقية ويتقبل كل تيار أو اتجاه الحد الأدنى من التنازل من أجل الصالح العام والواقع الراهن والمصير الواحد.

· الاهتمام بالأدمغة التربوية ومحاربة هجرتها وكسب رضاها وتوفير الفرص والحوافز أمامها للعمل وللتطوير. والحث على تنمية الفكر الإبداعي في التربية من خلال خلق الوسط العلمي وتطوير بيئة البحث (الموارد البشرية، المادية، التفاعل المهني، التواصل الاجتماعي....)

· رصد ميزانية من الدخل القومي والوطني للتطوير التربوي والبحث العلمي الحقيقي لإنعاش الاقتصاد وتطويره. لان \"التربية ثروة واستثمار\".
· المحافظة على الهوية العربية. فلكل أمة هوية ومهما أصاب هذه الهوية من تطور في نظراتها الجزئية بما يتلاءم مع قوانين التبدل والتغير فإنها تبقى الأساس في تحديد النظم الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والإنسانية العامة لتلك الأمة، والتربية جزء من أية هوية وفق احتياجات التلاؤم مع غايات الحياة المقصودة في كل عصر، تعمل مع الوضع الطبيعي على تأصيل وترسيخ قيم ومثل وأنماط السلوك المحددة .

· ظاهرة التكيف والعولمة: أثارت انقساماً بين المفكرين والدارسين في العالم. فالبعض يعتبر العولمة نعمة تجلب معها الثروات والنمو الاقتصادي والتطور والحضارة فيما يحذر الآخرين من أنها نقمة تشكل خطراً عظيماً متفاقماً على الاستقرار الاجتماعي والمكاسب والبيئة الطبيعية. وبين حدود النعمة والنقمة، أي طرفي النقيض للتكيف والعولمة. وقد برزت مواقف تحاول أن تجمع بين فضائل الاستعجال نحو السوق والانفتاح وحسنات البناء تحت حماية الحضارة والتراث والصفات الخاصة لكل جماعة ورأفتها والتوجه نحو الذات والأصول.

خاتمة:

باتت العولمة واقعاً لا مفر من التعامل معه، فليست هي بالفجر البازغ ولا بالفخ الخادع. وعلى عاتقنا تقع مسؤولية العيش في ظل ما تفرض من قيود وما تتيحه من فرص. ومن هنا شاع واقع \"سوق العولمة\" وتأثير تجارة المعرفة والتعليم والتعلم على التربية، فبدأت المدارس التربوية تتسابق في تسويق مبادئها وقيمها واعمالها في عالم تربوي متغير. واصبح سوق العولمة يتجول في العالم لينقل فكره لمنفعته وإنتاجيته وتجارته وعالمة الخاص.

فالعالم قرية صغيرة Global Village فلا بدّ من أن يكون متماسكاً ومترابطاً ضمن أسس تربوية ثابتة وحقيقية. وهكذا نرى إيجابيات وسلبيات العولمة وتأثيره على التربية.

وان العولمة لتتحقق وترتبط مع التربية المعاصرة لبيئتنا ومجتمعنا أن كانت ضمن \"التبني والتكيف\" ADOPT & ADAPT ، كلُ حسب بيئته وقناعاته وعدم \"التقنص\" الواحد للآخر وعدم تبعية هذا لذاك، فلكل مجتمع بيئته السليمة وتربيته العظيمة وتراثه المجيد وغناه الفريد وكنوزه الثمينة.
التربية الإسلامية وتحدي العولمة
الباحث: علي بن عبده بن علي الألمعي
مفهوم العولمةGlobalization:
قبل البدء في الحديث عن مفهوم العولمة Globalizationلابد من الإشارة إلى أن أغلب التعريفات الاجتهادية الرامية إلى تبيان مفهوم ودلالة ظاهرة العولمة لم تبلغ مبتغاها ومرامها الأساسي بعد،وقد تعددت إلى مايلي:
1- البعض من تلك الاجتهادات اقتصرت على وصف هذه الظاهرة على أنها عملية أمركة العالم، أي نشر الثقافة الأمريكية بحيث تغلب على الثقافات المجتمعية الأخرى.
2- ويرها البعض الآخر على إنها الوجه الآخر للهيمنة الإمبريالية على العالم تحت الزعامة المنفردة للولايات الأمريكية، فهي أبشع واحدث صور الهيمنة الاستعمارية، وثمة من ينظر إليها بمنظور أوسع، ملخصه أن العولمة تمثل عملية رسملة العالم، أي أن العولمة عملية يراد منها نشر مبادئ النظام الاقتصادي الرأسمالي وفرضه على عامة الأساليب الاقتصادية التي تتبعها المجتمعات الأخرى(العولمة الاقتصادية).
3- يذهب فريق ثالث للقول بأن العولمة ظاهرة تنحو بالمجتمعات الإنسانية قاطبة نحو التجانس(التشابه) الثقافي وتكوُّن الشخصية العالمية ذات الطابع الانفتاحي على ما حولها من مجتمعات وثقافات مختلفة (العولمة الثقافية و ثقافة العولمة)،ويعول أنصار هذا الفريق على جملة التطورات الهائلة الحادثة في قطاع الاتصالات والمواصلات بين المجتمعات الإنسانية المختلفة والتي أسهمت بشكل كبير في نشر ثقافات المجتمعات بخاصة المتقدمة والتي ترنو المجتمعات النامية بلوغ مستوى تطورها الصناعي والاقتصادي والعلمي. (جيدل،1422،ص10-22).
وعموما أرى أن منظار هؤلاء للعولمة أوسع نطاقا مما سبق عرضه،ولم تتضح الصورة الحقيقة للعولمة إلى عصرنا الحاضر .
العولمة لغة: العولمة ثلاثي مزيد، يقال: عولمة على وزن قولبة،وكلمة "العولمة " نسبة إلى العَالم -بفتح العين- أي الكون، وليس إلى العِلم -بكسر العين- والعالم جمع لا مفرد له كالجيش والنفر، وهو مشتق من العلامة على ما قيل، وقيل: مشتق من العِلم فالعولمة كالرباعي في الشكل فهو يشبه (دحرجة) المصدر، لكن (دحرجة) رباعي منقول، أمّا (عولمة) فرباعي مخترع إن صح التعبير وهذه الكلمة بهذه الصيغة الصرفية لم ترد في كلام العرب،والحاجة المعاصرة قد تفرض استعمالها، وهي تدل على تحويل الشيء إلى وضعية أخرى.
والعولمة ترجمة لكلمةMondialisation الفرنسية، بمعنى جعل الشيء على مستوى عالمي، والكلمة الفرنسية المذكورة إنّما هي ترجمة“Globalisation” الإنجليزية التي ظهرت أولاً في الولايات المتحدة الأمريكية، بمعنى تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل الكل. فهي إذا مصطلح يعني جعل العالم عالمًا واحدًا، موجهًا توجيهًا واحدًا في إطار حضارة واحدة، ولذلك قد تسمى الكونية أو الكوكبة. (الرقب،1423،ص4).
والعولمة مشتقة من الفعل (عَوْلُم) وهو فعل رباعي مجرد على وزن (فَعْلَلَ)،وعلى ذلك فإن الفعل ومصدره يكون(عولم،يعولم،عولمة)،فإن صيغة (الفعللة) التي تأتي منها (العولمة).(الحارثي،1422،ص21-22).
وتعني تعميم الشيء أو المفهوم أو القيمة أو السلعة أو الموقف وتوسيع دائرته ودائرة تأثيره لتشمل كل الكرة الأرضية على اعتبار إن Globe هي الكرة. (الطويل،2003،ص3-4).
وقد وردت كلمة العولمة في معجم وبستر بمعنى إكساب الشيء طابع العالمية.(السميري،1426،ص18).
العولمة اصطلاحاً: إن كلمة العولمة جديدة، وهي مصطلح حديث لم يدخل بعد في القواميس السياسية والاقتصادية. وفي الواقع يعبر مصطلح العولمة عن تطورين هامين هما:
1- التحديث (Modernity) .
2-الاعتماد المتبادل(Inter-dependence)، ويرتكز مفهوم العولمة على التقدم الهائل في التكنولوجيا والمعلوماتية، بالإضافة إلى الروابط المتزايدة على كافة الأصعدة على الساحة الدولية المعاصرة.
لقد ظهرت العولمة أولاً كمصطلح في مجال التجارة والمال والاقتصاد، ثم أخذ يجري الحديث عنها بوصفها نظاماً أو نسقاُ أو حالة ذات أبعاد متعددة، تتجاوز دائرة الاقتصـاد، فتشـمل إلى جانب ذلك المبادلات والاتصال والسياسة والفكر والتربية والاجتماع والأيديولوجيا. (الرقب،1423،ص6).
قال برهان غليون:"العولمة هي ديناميكية جديدة تبرز داخل العلاقات الدولية من خلال تحقيق درجة عالية من الكثافة والسرعة في عملية انتشار المعلومات والمكتسبات التقنية والعملية للحضارة يتزايد فيها دور العامل الخارجي في تحديد مصير الأطراف الوطنية المكونة لهذه الدائرة المندمجة وبالتالي لهوامشها أيضا".كما يراها احمد أبو زيد إن العولمة تعمل على توحيد الأفكار والقيم وأنماط السلوك وأساليب التفكير بين مختلف شعوب العالم كوسيلة لتوفير مساحة واسعة من الفهم المتبادل والتقريب بين البشر واقرار السلام العالمي.
ومن هذه التعريفات، يمكن تلخيص العولمة في كلمتين: كثافة انتقال المعلومات وسرعتها إلى درجة أصبحنا نشعر بأننا موجودين في قرية كونية Global Village ، فان ما يحصل في بقعة ينتشر خبره في البقعة المجاورة وكل ما يحدث في جزء يظهر أثره في الجزء الآخر.(الطويل،2003،ص3-4).
ولقد كثرت التعاريف التي توضح معنى العولمة، نذكر هنا بعضاً منها:
* يقول جيمس روزانو أحد علماء السياسة الأمريكيين عن العولـمة: "إنّها العلاقة بين مستويات متعددة لتحليل الاقتصاد والسياسة والثقافة والأيديولوجيا، وتشمل: إعادة الإنتاج، وتداخل الصناعات عبر الحدود وانتشار أسواق التمويل، وتماثل السلع المستهلكة لمختلف الدول نتيجة الصراع بين المجموعات المهاجرة والمجموعات المقيمة".
* الكاتب الأمريكي الشهير ـ وليم جريدرـ في كتابه الصادر عام 1977م بعنوان( عالم واحد..مستعدون أم لا), وصف العولمة "بأنها آلة عجيبة نتجت عن الثورة الصناعية والتجارية العالمية, وأنّها قادرة علي الحصاد وعلي التدمير, وأنّها تنطلق متجاهلة الحدود الدولية المعروفة, وبقدر ما هي منعشة، فهي مخيفة. فلا يوجد من يمسك بدفة قيادتها، ومن ثمّ لا يمكن التحكم في سرعتها ولا في اتجاهاتها ".
* " نظام عالمي جديد يقوم على العقل الإلكتروني، والثورة المعلوماتية القائمة على المعلومات والإبداع التقني غير المحدود، دون اعتبار للأنظمة والحضارات والثقافات والقيم، والحدود الجغرافية والسياسية القائمة في العالم".
* " العولمة هي الحالة التي تتم فيها عملية تغيير الأنماط والنظم الاقتصادية والثقافية والاجتماعية ومجموعة القيم والعادات السائدة وإزالة الفوارق الدينية والقومية والوطنية في إطار تدويل النظام الرأسمالي الحديث وفق الرؤية الأمريكية المهيمنة، والتي تزعم أنها سيدة الكون وحامية النظام العالمي الجديد ". (الرقب،1423،ص5-6).
* العولمة:هي الدخول بسبب الثورة المعلوماتية والتقنية والاقتصادية في طور من التطور الحضاري بحيث يصبح مصير الإنسانية موحدا.(جيدل،1422،ص43).
* اجتياح الشمال للجنوب...اجتياح الحضارة الغربية ممثلة في النموذج الأمريكي للحضارات الأخرى،،وهي التطبيق العملي لشعار نهاية التاريخ.(الحارثي،1422،ص28).
الفرق بين عولمة التربية الإسلامية وعالميتها :
إنّ الإسلام دين يتميز بالعالمية. والعالمية تعني:عالمية الهدف والغاية والوسيلة، ويرتكز الخطاب القرآني على توجيه رسالة عالمية للناس جميعًا، قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء: 107] وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ)[سـبأ:28]، ووصف الخالق عز وجل نفسه بأنه "رب العالمين" وذكر الله تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم مقترنًا بالناس والبشر جميعاً قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:21]، (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [البقرة:143]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً) [النساء:170].(الصلاحين،1423،ص65).
إنً الحضارة الإسلامية قامت على القاسم المشترك بين حضارات العالم، فقبلت الآخر، وتفاعلت معه أخذأً وعطاءً، بل إنّ حضارة الإسلام تعاملت مع الاختلاف بين البشر باعتباره من سنن الكون، لذلك دعا الخطاب القرآني إلى اعتبار الاختلاف في الجنس والدين واللغة من عوامل التعارف بين البشر. اتساقًا مع نفس المبادئ، إنّ الإسلام يوحّد بين البشر جميعاً رجالاً ونساءً، في قضايا محددة: أصل الخلق والنشأة، والكرامة الإنسانية والحقوق الإنسانية العامة،ووحدانية الإله،وحرية الاختيار وعدم الإكراه، ووحدة القيم والمثل الإنسانية العليا.
ومن هنا تظهر الاختلافات جلية بين مفهوم عالمية الإسلام ومفهوم "العولمة" فبينما تقوم الأولى على رد العالمية لعالمية الجنس البشري والقيم المطلقة، وتحترم خصوصيته،وتفرد الشعوب والثقافات المحلية، ترتكز الثانية:على عملية نفي أو استبعاد لثقافات الأمم والشعوب ومحاولة فرض ثقافة واحدة لدول تمتلك القوة المادية وتهدف عبر العولمة لتحقيق مكاسب السوق لا منافع البشر.
وثمة فرق بين عالمية الإسلام والعولمة، فالإسلام يقوم على العدل وإنصاف المظلوم، ويرفض الاعتداء، ويعترف بحق الأخر في الدين والرأي المخالف، أما العولمة فتقوم على الظلم، وتفتقد للعدل، وتهدف لصالح الاستكبار الغربي، وضد مصالح الشعوب الفقيرة الأخرى، وفقا لسياسة التبعية التي تفسر العلاقة بين الغرب المتقدم، وبين العالم الثالث المتأخر.
ثمّ إنّ الإسلام يدعو إلى طلب العلم النافع الذي يفيد الإنسان، ويحقق والخير،ويحق الحق، وكلّ ما جاءت به المدنية الحديثة من علوم ومخترعات وابتكارات، مما فيها نفع للناس، ويحارب كل علم ضار فيه فساد الإنسان أو هلاكه،أو إشاعة الشر في حياته، بينما العولمة بخلاف ذلك، فرغم ما أنتجته من المخترعات والابتكارات إلا أنها ابتدعت علوماً ضارةً أو ابتكرت ابتكارات مخربة للأخلاق والقيم، ومفسدة بل ومهلكة للإنسان.
وأيضاً فغزو المسلمين للعالم كان بدافع حضاري فريد، لقد كانوا يعُدُّون أنفسهم أصحاب رسالة عالمية موجهة للناس كافة، كلّفوا هم بتبليغها إليهم بالوسائل السِّلميّة، والذين كانوا من المسلمين يهاجرون إلى البلاد الأخرى إنما هاجروا طلباً للرزق، وكانت مهمة الشهادة على الناس وتبليغهم الإسلام ماثلةً أمامهم، فأثَّروا في البلاد التي هاجروا إليها تأثيراً كبيراً، ونقلوا إليها دينهم وأخلاقهم وقيمهم ولغتهم، ولم يتأثروا بهم إلا في أمور لا تتعارض مع دينهم، بل قد يكون بعضها من مقتضيات الدعوة إليه، أما غزو الغرب للعالم فقد كان في أساسه لأسباب استعمارية ولمصالح اقتصادية، وقائم على التعصب العنصري، كان الغربيون أيضاً يرون أنّ لهم رسالة أخرى وهي أن يجعلوا العالم نصرانياً،يكفر بالدين الحق الذي اختاره الله تعالى للبشرية. (الرقب،1423،ص13-15)، (الصلاحين،1423،ص67-68).
سلبيات العولمة وإيجابيتها :
أولاً: سلبيات العولمة:
1- زيادة سيطرة الشركات متعددة الجنسيات على حركة التجارة والاستثمار مما سيؤدي إلى زيادة اعتماد الدول النامية على الواردات من هذه الشركات الأمر الذي يؤدي إلى ضعف الإنتاج في الدول النامية لعدم قدرتها على المنافسة.
2- زيادة البطالة في الدول النامية،وذلك لعجز هذه الدول عن منافسة الشركات العظمى في التجارة.
3- ارتفاع قيمة تداول العملات الأجنبية والأدوات المالية إلى الضعف.
4- تقليص دور الحكومات والمنظمات الدولية في تنظيم الإعلام لصالح الشركات الاحتكارية متعددة الجنسيات.
5- هدم الهوية الثقافية للأمة.(الصلاحين،1423،ص50-53).
وقد أثار الكتاب والمفكرون في ذكر السلبيات للعولمة المصطلح الآخر للعولمة وهو (الأمركة) وذلك استناداً إلى تصريحات وسياسات وخطط أمريكية في العالم. وقد أوضح يوماً أحد فلاسفة الغرب المعاصرين محذراً من العولمة قائلاً: "إذا كانت البراءة تظهر في عموميات العولمة فإن الشياطين تختبئ في تفاصيلها ". نذكر منها:
- حديث الرئيس جورج بوش 24/1/1990 حيث قال: إن القرن العشرين أمريكي ويجب أن يكون القرن الحادي والعشرين أمريكيا أيضاً.
- حديث بريجنيسكي 10/8/1990 حيث قال: ليست هناك سوى قوة عظمى واحدة في العالم، هي الولايات المتحدة الأمريكية وهذه القوة العظمى يجب أن تكون مطلقة وشاملة، سياسياً واقتصادياً وعسكرياً. فنحن القوة الوحيدة على جميع الصعد.
- في كتابه (توازن الغد) يرى روبرت شتراوس: إن المهمة الأساسية لأمريكا تتمثل في توحيد الكرة الأرضية تحت قيادتها، واستمرار هيمنة الثقافة الغربية، وهذه المهمة لا بد من إنجازها بسرعة في مواجهة آسيا، وأي قوى أخرى لا تنتمي للحضارة الغربية. إن مهمة الشعب الأمريكي القضاء على الدول القومية.
- قال فرانسوا بايروا، وزير التربية والتعليم العالي الفرنسي: "إن هدف العولمة هو تدمير الهويات القومية والثقافة القومية للشعوب". (الطوال،1422،ص9-10).
ثانياً:إيجابيات العولمة:
عند إثارة هذه السلبيات والمشكلات والتحولات الاجتماعية للعولمة لا يعني ذلك غياب التطور التكنولوجي الإيجابي. إن له إيجابيات كثيرة ، فالتكنولوجيا، مثلاً تحول الصحراء إلى واحة، في الوقت الذي تستطيع فيه أن تحوّل الواحة إلى صحراء. فمن إيجابيات العولمة مايلي:
1- إن العولمة تعمل على استقرار الحياة الإنسانية وازدهارها،كما تؤثر تأثيرا إيجابيا في حركة التاريخ،وتعمل على خلق نوع من التعاون في جميع المجالات.
2- إيجاد نوع من الحوار المتبادل بين الأديان والثقافات والذي يؤدي بدوره إلى ترسيخ التعاون والتعايش بين الشعوب.
3- إلغاء المسافات بين الدول وتوحيد المقاييس والمواصفات للمنتجات في مختلف أصقاع العالم،وتحسين جودتها.
4- إزالة التجزئة الاقتصادية،وتوفير الديمقراطية الاجتماعية.
5- تتيح الفرص لمن لديه المهارة والقدرة للعمل والاستفادة من خبراته،كما تساعد الدول الفقيرة للخروج على أزماتها.
6- فتح المجال أمام الأفراد لاختيار مايلائمهم من الثقافات. .(الصلاحين،1423،ص56-57).
كيف نستفيد من إيجابيات العولمة،وكيف نتقي شرها:
لفهم واقع العولمة وتأثيرها علينا في العصر الحاضر وخصوصاً من الناحية التربوية، لا بد ّمن إدراك التحديات والعراقيل التي تواجهنا، ومنها:
- الابتعاد عن التعصب والتمذهب والطائفية، لأننا نملك شريان حضاري وثقافي مركزي لا بد إن تتمثل فيه التعددية والشفافية والانفتاح المعاصر.
- تنمية التفكير بوسائل تربوية متطورة تتلاقى مع روح العلم والتفكير النقدي وحرية الرأي. والتحرر من رواسب الماضي العقيم والحفاظ على ثرواته الحضارية والدينية والثقافية...
- الحاجة إلى تفكير جديد يعمل على إنتاج تاريخ جديد وتشريع جديد وتعليم جديد ومنهج جديد ... وذلك من خلال تشكيل بنى اجتماعية موحدة ومتحضرة لها القدرة على الحركة والتفاعل مع الآخرين على اختلاف مذاهبهم....
- وضع سياسات وطنية راسخة وليس شعارات وهمية خاوية تجاه الغزو بأنواعه المختلفة: الثقافية والأخلاقية....
- التفاعل بين التراث القومي والحاجات المعاصرة. والانفتاح إلى الأنظمة التربوية العالمية بطريقة هادئة وعلمية وواعية وناضجة.
- تولي السياسات التربوية المعاصرة مبدأ الثقافة الحاسوبية الاجتماعية بحيث تكون متماشية مع ثقافة حاسوبية تعليمية شاملة متكاملة.
- زرع انفتاحات داخلية واسعة الجوانب بين مختلف الاتجاهات تمارس فيها الديمقراطية الحقيقية ويتقبل كل تيار أو اتجاه الحد الأدنى من التنازل من أجل الصالح العام والواقع الراهن والمصير الواحد.
- الاهتمام بالأدمغة التربوية ومحاربة هجرتها وكسب رضاها وتوفير الفرص والحوافز أمامها للعمل وللتطوير. والحث على تنمية الفكر الإبداعي في التربية من خلال خلق الوسط العلمي وتطوير بيئة البحث (الموارد البشرية، المادية، التفاعل المهني، التواصل الاجتماعي....)
- رصد ميزانية من الدخل الوطني للتطوير التربوي والبحث العلمي الحقيقي لإنعاش الاقتصاد وتطويره. لان "التربية ثروة واستثمار".
- المحافظة على الهوية العربية الإسلامية. فلكل أمة هوية ومهما أصاب هذه الهوية من تطور في نظراتها الجزئية بما يتلاءم مع قوانين التبدل والتغير فإنها تبقى الأساس في تحديد النظم الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والإنسانية العامة لتلك الأمة، والتربية جزء من أية هوية وفق احتياجات التلاؤم مع غايات الحياة المقصودة في كل عصر، تعمل مع الوضع الطبيعي على تأصيل وترسيخ قيم ومثل وأنماط السلوك المحددة.(الطوال،1423،ص15-18).
والله ولي التوفيق،،،